في هذا المقال لن أتحدث عن سجوننا وعن سجون سوريا من حيث المقارنة بينهم، لأن في ذلك ظلم لسجوننا، لأنه لا يوجد وجه مقارنة ، وإنما سأتحدث عن سجوننا وسجون الدول الأخرى بشكل عام ، وهنا أتحدث عن شخص مطلع بصفة شخصية مباشرة وليس ناقل أو عن سماع أخبار أو معلومات من آخرين ، علما بأنه لا يوجد لدينا سجون بكل ما تعنيه الكلمة أو المصطلح، وإنما ما هو موجود لدينا مراكز للإصلح والتأهيل ، لقد قمت بزيارة كافة مراكز الإصلاح والتأهيل الموجودة في الأردن من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ، ومعظم هذه المراكز زرتها مرتين لغايات التفتيش والإطلاع على واقع الخدمات المقدمة للنزلاء ، وأحوالهم والاستفسار عن كيفية تعامل إدارات المراكز وكوادرها معهم، وقد دخلت كافة مهاجع المراكز لوحدي وبدون مرافقة أمنية حتى أطلع بنفسي وأسمع من النزلاء دون تردد أو خوف أو حرج ، وللأمانة وهذه شهادة أسأل عنها أمام الله والتاريخ ومن رافقني في هذه الزيارة من الزملاء الموظفين، وفي إحدى الزيارات ترافقت أنا والسفيرة ريما علاء الدين بصفتها مديرة حقوق الإنسان في وزارة الخارجية ، ورئيسة اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان المشكلة من رئاسة الوزراء من الجهات ذات العلاقة ، حيث كانت الزيارة لمركز إصلاح وتأهيل الجويدة نساء، حيث أن الخدمات المقدمة والمتوفرة للنزلاء وأسلوب التعامل معهم من قبل كوادر الأمن العام تعادل خدمة الخمس نجوم بالنسبة إلى سجون الدول الأخرى في دول الشرق الأوسط على أقل تقدير ، والتي لدي معلومات عنها، حسب إطلاعي عليها من التقارير الدولية لحقوق الإنسان ، من حيث وجبات ونوعية الطعام، ووسائل التدفئة المركزية ، والمياه الساخنة، والحمامات، علما بأن معظم مراكز الإصلاح يتولى إعداد وتقديم الطعام من قبل شركات خاصة، ووجبات الطعام التي تقدم للنزلاء نفسها التي تقدم لكوادر الأمن العام ، بالإضافة إلى توفر خدمات التعليم والحاسوب ، والسماح باستكمال الدراسة الثانوية العامة والجامعية لمن يرغب ، والتدريب المهني والحرف اليدوية ، بحيث يتعلم النزيل مهنة تمكنه وتؤهلة للعمل في حال خروجة للحياة العامة بعد استكمال مدة محكوميته ، كما يصرف مبلغ مالي رمزي شهريا للعاملين في المشاغل المهنية ، عدا عن الخدمات الطبية والأدوية ، وتوفير أوقات للتشميس والترفيه والألعاب الرياضية ، كما يتم لدى هذه المراكز تصنيف النزلاء حسب الجريمة المرتكبه من قبله ، ووضع كل صنف في مهجع، كما يوجد خدمة الخلوة الشرعية في بعض المراكز لمن يرغب، أما التعذيب فقد عفا عليه الزمن ، وأصبح من الماضي ، كما أن إدارة المراكز تسمح لكافة منظمات حقوق الإنسان بالتفتيش على المراكز ، وزيارة النزلاء والالتقاء بهم، والسماع لأقوالهم، ولذلك أعود وأكرر لا يوجد وجه مقارنة بين مراكز الإصلاح والتأهيل لدينا وسجونهم، كما أن الزيارات والاتصالات الهاتفية متوفرة بين النزيل وذويه ، أسبوعياً ، علاوة تنظيم يوم إفطار جماعي يجمع النزلاء مع ذويهم في شهر رمضان المبارك ، وكذلك فتح مراكز الإصلاح والتأهيل أبوابها طوال أيام عيد الفطر السعيد وعيد الأضحى المبارك ، هذا فيض من غيض ، فالحمد لله سجوننا تعمل وفق منهجية وشرعة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، لأن جهاز الأمن العام لدينا في الأردن متقدم ومتطور وفق أحدث الأنظمة الدولية ، وللحديث بقية.
البطاينة يكتب: سجوننا وسجونهم
مدار الساعة ـ