يعتبر المجتمع القبلي والعشائري من أحكم الأنظمة الأمنية التي يمكن لها أن تكون ضابطاً مهماً في عمليات لإختراق عندما يتعلّق الأمر بالدولة وعلى المستوى الإستراتيجي، ويعتبر رديف اساسي للنظام الأمني في الدولة، من حيث معرفة الأصول والمنابت، والمحيط والبيئة التي تشكلت فيها شخصية الإنسان اذا ما تعلق ذلك بتقدمه وظيفياً حتى وصوله لمستوى منصب متقدم في الدولة والمناصب الحكومية الحساسة
الأردن كمثال غير حصري لهذه المجتمعات القبليّة هو نموذج واضح لما نتحدث عنه، حيث أن أي فرد أردني فإنه لا شك ينتمي لإحدى القبائل والعشائر التي تنتشر في جميع أقاليمه، لذلك فإنه من السهل اكتشاف الدخلاء في هذا المجتمع، وفي سؤال بسيط جدا لمعرفة ذلك اعتاد الأردنيون في بداية أي عملية تعارف بسيطه أن يبادروا بعضهم البعض بسؤال " منين إنت الله يحييك؟" لتكون كافيه على معرفة الأصول والمنابت والبيئة لهذا الشخص، والتأكد فيما بعد من هذا الإجابة سيكون بمنتهى السهولة وبمجرد السؤال لانك ستعرف القريه والاقارب وزملاء الدراسة والاصدقاء والبيئة والوضع الاجتماعي والمالي، لتكوِّن صوره لا بأس فيها فيما يخص الشخص المنشود
هذا المجتمعات تعرف نفسها جيّداً وتعرف أفرادها واجدادهم وانتماءاتهم حتّى الجد الخامس ويعتبر هذا الحد الأدنى لانه يرتبط بشكل أساسي في نظام القضاء العشائري،
وتعرف القبائل أفرع بعضها البعض وشيوخهم، كما تعرف جيداً من منهم الأصيل أو من كان منهم حليفاً تحت لواء بعضهم البعض، وهذا الشيء من سمات هذه المجتمعات ومميزاتها
لا يمكن لأي شخص في هذه المجتمعات أن يدّعي أنه من قبيلة أو عشيرة او بلده معينة دون انكشافه فورا أو خلال فترة وجيزة، ولا يمكن لأيٍّ كان أن يتسيد إحدى المناصب المرموقة عشائرياً دون أن يكون معروف الأصل والبيئة والتربية، لذلك فإن لهذه المجتمعات هي مُحصّنة من المتسكعين، في مقابل ذلك فإن المجتمعات المختلطة والمناطقية يمكن بكل سهوله فيها الانتساب فيها لاي مكوّن أو الادعاء بالانتماء الي منطقة معينه والتحجج بالتنقل بين المدن منذ أمد بعيد لإخفاء الأصول والمنابت والانتماءات، وعندما نعكس هذا الأمر على الدولة ومن يتسيّد فيها المناصب فإنه من الضروري وبأدنى درجات الأمن أن يكون المسؤولون فيها معروفي الأصول والمنابت، ويعرف الجميع بلداتهم وقراهم وأصدقاءهم وأعمامهم وأخوالهم وحتّى من كان يجالسه على أدراج الصفوف الابتدائية
نتحدث هنا من باب أن الدُخلاء وزراعتهم في بعض الدول ودعمهم باستمرار بالمال والتعليم والعلاقات العامة لضمان استمرار ترقيته وتصاعده الوظيفي، وحتى استلامه مناصب حساسة لتنفيذ أجندتهم الخاصة، حينها فقط سيكون من الضروري جدّاً التركيز عمّا نتحدث عنه ومعرفه مدى ضرورة التزامنا بوجودة وتجذيره في النظام الأمني
أيضاً فاننا لا نريد أن تكون هذه السمة هي معيار الترقية أو التوظيف، إنما اذا كانت الدولة وأجهزتها المعنيّة حريصة على تحقيق شبكة حماية متكاملة للوظائف الحكومية والحساسة بالأخص، فإنها يجب عليها الوقوف طويلاً عند هذه القضية وجميع تفاصيلها، ومثال ذلك هو ما يحدث الآن من سقوط النظام السابق في سوريا على يد الثورة والمقاومة بقيادة أحمد الشرع المكنّى بأبو محمد الجولاني وكيف أن حديث الساعة بعد سقوط النظام هو شخصية الجولاني ومن هو وما هي اصوله ومولده وأين أقاربه وأعمامه وأخواله واين أصدقائة وكيف أن الجميع يفتي في ذلك دون وجود إجابة واضحة وجليّة ومؤكدة عن ذلك حتى اللحظة وهذا بحد ذاته أمر مثير للشك والجدل، حيث من المفترض أن يكون مثل هذا الشخص معروف التفاصيل وبكل وضوح ولا حاجة لاستنفار كتّاب التدخل السريع وعلماء الأنساب المزيفين لاختلاق أو لتوضيح النسب لأي شخص