أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: ألهاجس المرعب في الجوار السوري


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: ألهاجس المرعب في الجوار السوري

مدار الساعة ـ
نحمد الله ليل نهار أننا في الأردن – المملكة الأردنية الهاشمية و بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ،و بجهد قواتنا المسلحة الأردنية الباسلة – الجيش العربي ،و أجهزتنا الأمنية الوطنية الشجاعة الموقرة ، ننعم بالاستقرار ،و بالعافية الاقتصادية رغم شح الموارد و المصادر الطبيعية ،و حاجتنا لمشاريع انتاجية كبيرة تنتشر في ربوع وطننا الغالي لتغطي محافظاته الأثنا عشرة ، و لتعالج نسبة الفقر(40%) و البطالة أكثر من( 21 % ) بين الشابات و الشباب وسط منطقة عربية هائجة ثائرة كما البركان . وتتميز الدولة الأردنية بتقديم السياسة على الأمن ،وهكذا فعلت في ربيعها وسط ربيع العرب ،و بتمسكها بالقانون وعمل و إدارة المؤسسات . و تمتلك علاقات دولية متوازنة تغطي غرب و شمال غرب ،و شرق و جنوب العالم ، و بتوازن ،و بهدف سياسي و اقتصادي مدروس و حكيم .
وما يثير هاجسي هنا ، هو الوضع الأمني في الجوار السوري الشقيق ، المرتبط بالحراك الدولي المتشعب و حراك جبهة النصرة – هيئة تحرير الشام ، و جيو سياسيا بإشتباك عسكري مع إسرائيل من طرفها فقط استغلالا لمرحلة الفوضى الجديدة التي تعيشها سوريا بعد هروب الرئيس بشار الأسد أو مغادرته المبرمجة دوليا منها ،ومن قلب قصرها الرئاسي بدمشق ، و تحديدا من قصر الشعب / تشرين في جبل المزة قرب جبل قاسيون ، و بترتيب مسبق مع الدولة الروسية العظمى الحامية له و لنظامه السياسي أكثر من حماية ايران العضوية لهما بنفس الاتجاه ،وهي التي بدأت تجمع حقائبها وتغادر دمشق ، بينما غادرت عائلة الأسد الكبيرة دمشق و اختارات ناطحات سحاب موسكو – سيتي . فلماذا صمد الأسد الابن 24 عاما بين عامي 2011 و 2024 بوجه تنظيم القاعدة الارهابي و صنوفه البالغة 80 صنفا خارجيا و داخليا ،و لم يتمكن و بما ملك من جيش أطلق عليه إسم العربي السوري ،و أجهزة أمنية مخابرات ، ومنها جوية ، و استخبارات عسكرية ،وعلاقات مع روسيا ،و ايران ، و الصين، و كوريا الشمالية ، من الصمود ساعات محدودة بعد هيجان قوى المعارضة السورية بوجه نظامه ؟ أم أن هناك أمرا روسيا و دوليا مباشرا له علاقة مباشرة بأمر المغادرة ؟
لقد أضاع بشار الأسد فرصة البناء الوطني بعد رحيل والده القومي – البعثي – حافظ الأسد ، ولم يتمكن من ترجمة شعاره ( أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ) إلى برامج واقعية اقتصادية و سياسية للدولة السورية ووسط العرب، و الجامعة العربية،و ذهب للتنظيرعلى غرار غورباتشوف ، فأغرق نفسه و نظامه بشعار والده ( الأسد إلى الأبد ) و رفعه وسط دمشق و أرعب شعبه به ،وحول نظامه من الجمهوري إلى الملكوري ، وهو الذي ترجمته الأجهزة الأمنية السورية إلى ( الأسد إلى الأبد أو نحرق البلد ) .وكل من دخل سوريا من العرب ،أو من الصحفيين كان يتعرض لمشكلة في مناطق الحدود أو يعتقل برقم مجهول ،ومن سبق له زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة ، يمنع من زيارة سوريا .و بدلا من اقبال العرب على سوريا أصبحوا يخشونها ،و يدب الرعب في قلوبهم قبل قدومهم إليها . ولم يتمكن بشار الأسد من إعادة بناء جيش بلاده سوريا بعد رحيل والده عام 2000 ،ولم ينتهج خط والده بمحاولة تحرير الجولان المحتل و بالتعاون مع العرب ،كما فعل عام 1973. و استمر رافضا للسلام مع إسرائيل كما والده حافظ الأسد بشروط إسرائيلية ،وهي نقطة تاريخية تسجل لهما و ليس ضدهما ، لكن ما طلبته إسرائيل في زمن حافظ الأب اختلف عن ما طلبته في زمن الأسد الابن بشار ، فكان تركيز إسرائيل على السفارة و التجارة في زمن اسحق رابين ، و توسعت المطالب الإسرائيلية لتشمل مصادر المياه و المراكز العسكرية الاستراتيجية في زمن نتنياهو.
الهاجس الأمني في المنطقة العربية يرتكز على جذور علاقة جبهة النصرة – تحرير الشام التي وصلت للسلطة في دمشق للتو نهاية 2024 بتنظيم القاعدة الارهابي سابقا ،و للنصرة تاريخ متموج و متطور منذ هبة عام 2011 ،و بدأ تاريخها عام 2017 بعد انفصالها عن ( القاعدة ) الخطيرة ، بينما مولت ماليا عامي 2012 / 2013 من داعش الارهابية مباشرة ،و شهد أعوام 2013 / 2016 انفصالا تدريجيا عن داعش ،و في عام 2017 قطعت ظاهريا علاقتها مع القاعدة الأم الارهابية ،و انفصلت عنها بالكامل . و يتساءل البعض ،لماذا احتضنت موسكو بشار الأسد على طريقة فيكتور يونوكوفيج بدلا من حمايته وسط الأراضي السورية و الابقاء على حكمه الذي يناسب الموقع الاستراتيجي العسكري لروسيا عبر قاعدتي حميميم و طرطوس ؟ وهل ستتعاون موسكو التي قبلت لجوءه السياسي لأسباب إنسانية مع هيئة تحرير الشام ( جبهة تحرير الشام ،و حركة نور الدين الزنكي – لواء الحق ،و جبهة أنصار الدين – جيش السنة ) القادمة لسلطة دمشق براية جديدة ( سوداء عباسية ،و بيضاء أموية ، خضراء للخلافة الراشدة ،و ثلاثة نجوم ترمز لدمشق ،و حلب ، و دير الزور ) لمحاكمته بينما سوريا الدولة لم توقع على اتفاقية محكمة الجنايات الدولية ، أم أن المطلوب محاكمته داخل سوريا ؟ و بالمناسبة لا علاقة لروسيا بتفاصيل سلوك النظام السوري السابق السلبي ، و رؤيتها لبشار الأسد سياسية و استراتيجية تخص العلاقة بين الدولتين الروسية و السورية ، ومنا ماله علاقة يقاعديتها العسكريتين ( حميم و طرطوس ) ، وعلى المستوى الدولي ، وهو الرئيس المخلوع الذي قدم الأمن على السياسة ، و بعد تبيان حجم الفساد في سوريا في عهده ؟ ولماذا لا تتحدث روسيا في المقابل عن الحالة الإنسانية لشرائح بريئة من الشعب السوري والشعوب العربية – أطفالا و نساء و رجالا - القابعة في السجون و المعتقلات السورية منذ زمن بعيد ،وعن أساليب تعذيبهم و قتلهم التي تظهرها أشرطة التسجيل أيضا ؟ وهل تستطيع روسيا أو ايران أو تركيا حماية سوريا ذات الجيش المترهل من الهجمات الإسرائيلية المتتابعة بعد سقوط نظام بشار الأسد ،وهي التي كانت قبل ذلك أيضا ؟ يتعجب الضباط والجنود الروس المرابطون في سوريا و البالغ تعدادهم قرابة 7000 من سلوك الجيش السوري الهارب من هجمات صنوف المعارضة السورية و بسرعة ترتقي لمصطلح الهرولة و الهزيمة ،و ربما لتدني رواتبهم الشهرية أو لانقطاعها . و يتساءلون هل من واجبنا أن نضحي من أجلهم وهم هاربون مرعوبون ؟ التسجيلات المهربة تثبت ذلك ، و تسجيلات تعذيب و سجن المواطنين السوريين الأبرياء،و مشارح الموتى في المقابل ومنها في سجن (صيدنيانا ) تؤكد ذلك ، و أيضا تخزين المشروبات الروحية و بكميات كبيرة في القصور الرئاسية السورية .
السنة وهو (70 % ) من عدد سكان سوريا البالغ تعدادهم أكثر من 25 مليون نسمة ، قادمون الى السلطة في سوريا ،وما على الايرانيين إلا الرحيل ،وهوما نشاهده الان .و إسرائيل تستغل حالة الفوضى في سوريا لتحقيق أهدافها الاستراتيجية وفي مقدمتها العسكرية ، فنراها تتقدم تجاه القنيطرة الجولانية و تحتل جبل الشيخ ،و تقصف دمشق و مخازنها العسكرية ذات العلاقة بإيران و حزب الله بشدة و من دون هوادة ، واغتال عالم الكيمياء السوري شكري المراشدة في منزله في سوريا حفاظا على أمنها أيضا إلى جانب مشاريعها التوسعية التدريجية حسب ظروف الأحداث في المنطقة صوب بناء إسرائيل الكبرى و لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية .و إسرائيل مطالبة بالتخلص من عنجهية نرجسية الفوقية ،و التصرف فوق القانون الدولي ،و الالتزام بحدودها الدولية التي رسمتها لها الأمم المتحدة عام 1947 . و الأصل و أخلاقيا أن تعيد الجولان – الهضبة العربية السورية لعرينها السوري التي احتلتها عام 1967 حتى تحقق سلاما غير مشروط مع سوريا . و أمن إسرائيل ليس بإحتلالتها و مستوطناتها غير الشرعية و إنما بإلتزامها بالقانون الدولي .وفي منطقتنا كلما توقفت حربا اندلعت أخرى ،وهو ما يثبت وجود حراك استخباري إسرائيلي – أمريكي مشترك يأخذ بالحسبان أمن إسرائيل و مطامعها الاحتلالية – الاستيطانية و العدوانية .و العلويون و هم أقلية حاكمة سابقة ( 10 % ) خائفون على مستقبلهم في سوريا ، و الهيئات الدبلوماسية السورية مستمرة في عملها تحت مظلة الحكومة السورية الجديدة برئاسة محمد البشير،وسوف يتم غربلتها .
سوريا تهمنا في الجوار الأردني ، ولنا معها علاقات تاريخية ، و سياسية ، و دبلوماسية ،و اقتصادية ،ومائية ، و نريد لحدودنا شمالا أن تبقى امنة من الارهاب و أفة المخدرات الخطيرة ،و نريد لحصتنا المائية من سد الوحدة أن تعود لتغذية الزراعة الأردنية و لتزويد عمان بها ، و نريد لملف اللاجئين السوريين أن ينتهي طوعا و بسرعة ،و لبناء علاقات سياسية متوازنة ، و دبلوماسية على مستوى سفير . و العرب عبر جامعتهم العربية ينتظرون ثبات الاستقرار في سوريا التي كانت تشكل بالنسبة لهم عمقا استراتيجيا كما الدول العربية المستقرة .و الذهاب للوحدة العربية ،و امتلاك السلاح غير التقليدي الموازي لسلاح و ترسانة إسرائيل أمر هام وجب تحقيقه ليعم السلام ،و لتعم التنمية الشاملة وسط بلاد العرب و المنطقة.
مدار الساعة ـ