أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شكوى مستثمر شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الكردي تكتب: اليوم العالمي لحقوق الإنسان: شعارات جوفاء


جوان الكردي

الكردي تكتب: اليوم العالمي لحقوق الإنسان: شعارات جوفاء

مدار الساعة ـ
اليوم، وأنا أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت منشوراً يذكّر بأن اليوم هو "يوم حقوق الإنسان". قرأت العبارة، وضحكت، لا من باب السخرية ولكن من باب الوجع. سرحت بعيداً وأنا أتساءل: أين هي حقوق الإنسان التي يحتفلون بها؟ هل تعني شيئا لمن ينام جائعا؟ لمن يتسول وظيفة؟ لمن صار الخبز عنده حلماً بعيد المنال؟
يأتي العاشر من كانون أول/ ديسمبر من كل عام ليذكّر العالم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أُقرّ قبل أكثر من سبعة عقود، ليكون حجر الزاوية في ضمان كرامة الإنسان وحرياته الأساسية. لكن مع مرور السنوات، يبدو أن هذا الإعلان فقد معناه أمام صرخات المظلومين ودموع المحرومين وآلام الشعوب التي عانت من الحروب.. الإبادة.. القمع.. الفقر.. الجوع.
من غزة المحاصرة إلى لبنان المنهك.. معاناة لا تنتهي
في غزة، تحصد آلة القتل الصهيونية يوميا حياة أكثر من مليوني شخص. يعيش الأطفال والشباب والأمهات والشيوخ تحت قصف متكرر يستهدف إبادتهم وحصار خانق يستهدف تهجيرهم، مع نقص حاد في الغذاء والماء والدواء. حيث أسر بأكملها مهددة بالموت من المجاعة أو القصف..
أين حقهم في الحياة الكريمة؟ أين حقهم في الأمل بمستقبل أفضل؟
وفي لبنان، الذي كان يوماً يُشار إليه كمركز للتنوع والتقدم، باتت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تُلقي بظلالها القاتمة على حياة الناس. الانفجارات والحروب السابقة، مصحوبة بفساد مزمن، جعلت الشعب اللبنانيين يتساءلون يوميًا: إلى متى؟ أليست القدرة على العيش بكرامة جزءاً أساسياً من حقوق الإنسان؟
المعتقلون في سوريا: القهر أو الموت
في سوريا، تفتح المعتقلات أبوابها لآلاف الأبرياء الذين وجدوا أنفسهم ضحية قمع لا يرحم. شهادات المعتقلين تُظهر حجم الوحشية، حيث كان يمارس التعذيب بطرق تُهين كل ما يمثله مفهوم الإنسانية. أليس من حق هؤلاء أن يحظوا بمحاكمة عادلة؟ أليس من حقهم أن يعيشوا بدون خوف من الاختفاء القسري أو القتل أو الموت في غياهب السجون؟
إذا كان العالم قد تحدث طويلاً عن حقوق التعبير والحرية، فإنه نادراً ما ينظر بجدية إلى حقوق الفقراء والجوعى. في كثير من البلدان، يعيش الملايين تحت خط الفقر، غير قادرين على تأمين الطعام أو المأوى. الفقر ليس مجرد عوز مادي، بل هو انتهاك صارخ للحق في الحياة الكريمة، وهو نتيجة لأنظمة اقتصادية عالمية غير عادلة تضاعف غنى الغني وتهمّش الفقير وتسحقه.
ازدواجية المعايير.. الكارثة المستمرة
لا يمكن الحديث عن حقوق الإنسان بدون التطرق إلى الازدواجية التي ينتهجها المجتمع الدولي والغرب المتحضر تحديدا. هناك شعوب تُنسى، وجرائم تُطمس، وأصوات تُكتم، لأن القوى الكبرى لا ترى مصلحة في التدخل..
أين كان العالم عندما كانت صواريخ الاحتلال الصهيوني تدك بيوت غزة؟ أين كانت العدالة عندما فقد السوريون واللبنانيون حياتهم وأحلامهم بسبب النزاعات والتدخلات الخارجية وتجبر الحكام؟
الحديث عن حقوق الإنسان في ظل هذا الواقع المؤلم يضع الجميع أمام سؤال جوهري: هل فشلت الإنسانية؟ الحكومات التي وقعت الاتفاقيات، والمؤسسات الدولية التي أُنشئت للدفاع عن الحقوق، وحتى الشعوب التي باتت ترضى بالظلم جزءا من حياتها، تتحمل مسؤولية مشتركة عن غياب هذه الحقوق.
هل من أمل؟
إذا أردنا أن يكون لهذا اليوم معنى حقيقيا، فلا بد من أن يتحول من مجرد شعار إلى وقفة صادقة للمساءلة والمحاسبة. يجب أن تُسمع أصوات المحاصرين في غزة، والجياع في لبنان، والمعتقلين في سوريا، وكل من يعيش في ظل الفقر والجوع والاضطهاد في العالم.
حقوق الإنسان ليست شعارات تُرفع ولا بيانات تُلقى، بل هي حياة تُصان، كرامة تُحترم، عدالة تُحقق. وحتى يتحقق ذلك، سيبقى هذا اليوم ذكرى ناقصة لعالم يئن تحت وطأة الظلم واللامبالاة.
مدار الساعة ـ