مدار الساعة - كتب: سهم محمد العبادي - استمعت إلى مشروع قانون الموازنة الجديد الذي قدّمه وزير المالية، الدكتور عبد الحكيم الشبلي، وكأننا أمام نفس الفيلم الذي نشاهده كل عام.
عنوان الموازنة العريض: "عجز... قروض... خدمة دين"، وكأننا في حفلة تعذيب نفسي يتم تجديدها سنويًا لتذكيرنا بأننا شعب يعيش في حضن العجز ويقتات على موائد الديون.
تأمّلت في تفاصيل الموازنة، وتحديدًا تلك النسبة الذهبية التي أصبحت أشبه بالعرف: 82% من الموازنة تذهب للرواتب وسداد خدمة الدين، وما تبقى، أي الفتات بنسبة 18%، يتم توزيعه على النفقات التنموية والخدمات. هذه النسبة تذكرني بعمل "دكانة" بالكاد تسدّ فواتيرها الشهرية؟
النائب العرموطي لم يُخفِ تذمّره عندما صرّح بأن "82% من الموازنة تُستهلك قبل أن تصل حتى إلى حساب البنك المركزي". وبصراحة، معه كل الحق. أما النائب ديمة طهبوب، فقد ألقت قنبلتها المعتادة: "الموازنة نسخة كربونية عن السنوات السابقة، لكن مع المزيد من التتبيلات الطازجة لعجز أكبر وقروض أطول أجلاً".
وعليه، يتساءل المواطن العادي، أين تلك الوعود الرنانة بالمشاريع الكبرى والبنية التحتية والخدمات الصحية والتعليمية التي تُعيد لنا كرامتنا؟ الإجابة بسيطة، كما نعرف جميعًا، الوعود موجودة فقط على أوراق الحملات الانتخابية وصناديق الاقتراع.
المضحك المبكي أن الموازنة تتحدّث عن "خطط للتنمية"، لكن كيف تُخطط وأنت تغرق في الديون؟ وكأنك تريد أن تبني برجًا عظيمًا فوق حفرة امتصاصية، فالتخطيط يحتاج إلى قاعدة صلبة، وأساسنا اليوم مهترئ لدرجة أنه بالكاد يحمل أحلام الناس البسيطة.
عزيزي المواطن، دعنا لا نخدع أنفسنا، نحن أمام موازنة كأنها طبق "رز مع لحمة" في مطعم شعبي، الرز كثير واللحمة غائبة، نعيش بين خطط تمويل لا تنتهي، وموازنات تُحاكي عجزًا أبديًا، ومشاريع لا ترى النور.
نحن بحاجة إلى موازنة تُحاكي أحلام المواطن، لا جيوب الدائنين، وإلى حين تحقيق ذلك، سنبقى نعيش على فتات الموازنات، ونحلم بخدماتٍ لن تأتِ، ومشاريع لن تُنفّذ.