.... المسافة بين عمان ودمشق لا تتجاوز الـ(150) كيلو مترا، وبالمقابل المسافة بين عمان والعقبة تتجاوز الـ (300) كيلو متر.. زمان كنا نحسب تكلفة الرحلة إلى العقبة وتكلفتها إلى دمشق، كانت الشام أكثر اتساعا وكل شيء تشتريه كما يقال (بتراب المصاري)...ناهيك عن أن دمشق ليست بالعاصمة الغريبة أبدا..لأن نسبة كبيرة من الأردنيين يمتلكون علاقات نسب ومصاهرة وعلاقات عائلية مع أهل الشام.
الان تغير وجه الشام، ليس النظام من تغير وحده، العلم سيتغير والعملة ستتغير ووجوه الأمن الذين كنا نشاهدهم على الحدود ستتغير، والختم على جواز السفر هو الاخر سيتغير... والشام لن تعود بعد اليوم مليئة بمجسمات تمثل وجه الزعيم القائد..ومقولة إلى الأبد يا حافظ الأسد سقطت إلى غير رجعة... الشام ستعيش فصلا جديدا وزمنا جديدا.
ما يهمني في الأمر، هو أن العلاقة التجارية بين البلدين كانت تحكمها قضايا الإستيراد والتصدير.. كنا نستورد من الشام الفواكه والحبوب، استوردنا منها الملبوسات.. استوردنا أيضا الحلويات، ومساحيق الغسيل والمشروبات... استوردنا أشياء كثيرة لا تعد ولا تحصى، لكن ميزة الأردن أنه وطن يصدر الفكرة ولا يستوردها... الدراما كانت فكرة وليست منتجا، نحن من صدرناها للشام... والديمقراطية هي فكرة ومبدأ، وقد حاولنا تصديرها..والأهم من كل ذلك أن الشام كانت تنام وتغفو وهي تتحدث عن تسامحنا، عن مؤسساتنا الأمنية التي لم تتورط بالسحل، عن سجوننا المفتوحة..عن طيبة شعبنا، عن علاقتنا بالمؤسسات وعن صحافتنا وإعلامنا الحر.
نحن وطن يجيد تصدير الفكرة... وأظن أن الشام الان تحتاج لجهد أردني وعربي، يسند النظام القادم فيها، عبر تقديم مشاريع جديدة للتوافق وصورة النظام الجديد.. والأردن بحكم الجغرافيا، بحكم البعد الإجتماعي يستطيع أن يقدم افكاره ومشورته في هذا الجانب.
الشام ضرورة اجتماعية، وضرورة سياسية واقتصادية... وعلى الدولة أن تدرك أن أمنيات بعض الأحزاب لدينا، عليها أن تصغر أمام دور الدولة الأردنية, وحضورها في المشهد... فماذا نحن فاعلون في هذا الصدد؟
Abdelhadi18@yahoo.com