بعيداً عن أي خلافات على تفاصيل حياتنا وأمورنا الداخليّة في الأردن، وما الذي لا نتفق معه من سياسات أو أشخاص تنفيذيين أو إدارة يومية فإن الأردنيين لا يملكون إلا خياراً استراتيجيّاً واحداً وهو الوقوف إلى جانب أنفسهم ومستقبل أولادهم ومصالحهم من خلال الوقوف إلى جانب دولتهم المظلة الجامعة لكل الأردنيين.
الأمر ليس شعاراً سياسياً أو عنواناً لمقال و هتافات في اجتماع بل هو الخيار الوحيد والطريق الذي لا بديل عنه في هذا الزمن الصعب على الجميع.
عام وعدة أسابيع فقط حملت للمنطقة، التي نحن جزء منها، بل في قلبها تغييرات كبرى، فغزة اليوم محتلة، ومعادلة القوى العسكرية الفلسطينية وحتى الإقليمية تتغير سريعا، والقضية الفلسطينية رغم انها عادت الى واجهة الاحداث الا ان الحقيقة ان عناصر قوة الفلسطينيين تراجعت وضعفت وامتلك كيان الاحتلال عناصر قوة جديدة والامر ينتهي حتى الآن على اتفاق فتح وحماس على تشكيل لجنة ادارة الحياة الخدماتية في غزة ومرجعيتها السلطة الفلسطينية. أما حماس فخرجت عملياً من معادلة حكم غزة في ظل احتلال غزة واقتصار الحضور الفلسطيني على لجنة خدمات.
وفي لبنان الذي سيبقى يعيش آثار العدوان الاسرائيلي اقتصاديا وسياسيا وفي كل المجالات ستبقى الدولة هناك شكلية بانتظار التحقق من الموت العسكري لحزب الله، والجميع عيونهم على سوريا لان سقوط نظام بشار الأسد هو شهادة الوفاة لجزء مهم من المشروع الفارسي وعموده الفقري حزب الله.
وسوريا ان ذهبت الامور فيها الى ما هو متوقع فإما ان تذهب لحكم جديد هويته ليست محددة حتى الآن او ان يتحول إلى مناطق نفوذ لأكثر من طرف او تكون الفوضى هي الواقع الجديد لفترة قادمة، ونحن في الاردن على حدود طويلة مع سوريا وما سيجري هناك سيحمل لنا اعباءً جديدة أمنيا وسياسيا تضاف الى ما دفعه الاردن منذ ان بدأت الحرب هناك.
لا نملك نحن الاردنيين ترف الاستغراق في صغائر الامور، وكل من يأخذ اي مؤسسة دستورية نحو قصص لا قيمة لها ويحاول إشغال البلد في حكايات صغيرة او بحث عن مصالح لجهة سيكون اما فاقدا للقدرة على فهم ما يجري وما يهددنا اضافة الى ما كان من تهديدات سابقة او ان لديه حسابات لا علاقة لها بمصالح الدولة.
خيارنا الوحيد نحن الاردنيين ان تكون اولوياتنا حماية الاردن وان نقدم له؛ مواطنين ومؤسسات، مزيدا من القدرة على مواجهة ما هو قادم، فنحن منذ ان جاء ما يسمى الربيع العربي في طوارئ سياسية وأمنية في الإقليم وما زالت الامور مرشحة لمزيد من التوتر والمفاجآت التي تحمل تغييرات كبرى.
خيارنا الوحيد الاردن، وكل مسار او فعل لا يخدم قوة الأردن من أي طرف سيكون محل تساؤل، والنموذج الذي يدفع الناس ايجابياً هو اداء المؤسسات الدستورية حكومة ونواباً واعياناً وكل جهة تملك الفعل والتأثير..