أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس الموقف شكوى مستثمر شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

عن فلسطين ودمار ثقافتنا


بلال حسن التل

عن فلسطين ودمار ثقافتنا

مدار الساعة (الرأي) ـ
من ابشع دلالات العدوان الاسرائيلي الوحشي، على فلسطين ولبنان، حجم الدمار الذي لحق بمنظومة القيم والمفاهيم، ثم العواطف عند جماهير أمتنا، وهو الدمار الذي حول الغالبية الساحقة من هذه الجماهير الى شهود زور على ما يجري لامتهم، اي لهذه الجماهير نفسها.
ولتوضيح صورة هذه الدلالة، علينا ان نستذكر ان هذه الجماهير كانت تتحرك من الخليج الى المحيط، ومن طنجة إلى جاكرتا، للمناصرة المعنوية والمادية لاي جزء من أجزاء الامة يتعرض لعدوان اقل بكثير مما يتعرض له أبناء فلسطين ولبنان منذ عام.
كلنا نتذكر نشيدنا اليومي تحيا الجزائر، ونتذكر تبرعنا في المدارس والمساجد وفي كل مرفق للجزائر ابان جهاد الجزائريين لنيل استقلالهم.
وما زالت في الذكرة الجمعية العربية، كيف هبت الأمة كلها للدفاع عن مصر ضد العدوان الثلاثي عليها.
وفي هذه الذاكرة كيف تناسى العرب خلافاتهم أمام عدوان الخامس من حزيران 1967، وسعوا لمنع انهيار الأمة والعمل على استئناف مواجهة إسرائيل، سواء من خلال حرب الاستنزاف او من خلال دعم فصائل المقاومة الفلسطينية.
وفي نفس هذه الذاكرة كيف سخر العرب النفط في حرب 1973 وما تلاها، عقابا للغرب على انحيازه الظالم للعدو الاسرائيلي.
وفي هذه الذاكرة ايضا كيف تنادى أبناء الأمة لنصرة لبنان ضد العدوان الاسرائيلي عليها في ثمانينات القرن الماضي.
طيلة تلك الفترة كانت مفاهيم الوحدة والتضامن والمقاومة هي المسيطرة على جماهير الامة والمحركة لها الموجهة لبوصلتها، بفعل الثقافة التي كانت سائدة. ولذلك لم يكن أحد أو جهة تجرؤ على الوقوف على الحياد، فما بالك بالانحياز الى معسكر العدو.
لقد أدرك أعداء أمتنا أن ثقافتها الأصيلة هي الركن الاساس لصمودها ومقاومتها، وسبب وحدة عواطف جماهيرها وبوصلتها وتضامنها، لذلك صب كل جهده على افساد هذه الثقافة والسعي لتدميرها، مستخدما كل امكانياته من سينما وتلفزبون واعلام وصولا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وانتهاء بالمناهج التعليمية، فحقق نجاحات ملموسة، نلمس شواهد كثيرة عليها، ابرزها حالة اللامبالاة بما يجري في فلسطين ولبنان، وهي اللامبالاة التي تسيطر على شرائح واسعة من أبناء الأمة، واقتصار اهتمام شرائح اخرى منها على متابعة ما يجري لأهلنا في فلسطين ولبنان على شاشات التلفزيون، وفي الحالتين دليل على حجم الخراب الذي اصاب ثقافة الامة وأمات وعيها فمزقها معنويا، ليسهل على العدو تمزيقها ماديا، وهو ما يفسر اصرار العدو على فصل جبهة جنوب لبنان عن جبهة غزة، ويفسر قصف طائراته لنقطة المصنع الحدودية بين سوريا ولبنان، لفصل لبنان جغرافيا عن عمقه العربي. الذي نسيت جماهير هذا العمق القاعدة الذهبية التي تقول (اكلت يوم اكل الثور الابيض) املين ألا نندم يوم لا ينفع الندم.
مدار الساعة (الرأي) ـ