مدار الساعة - كتب أ.د. محمد الفرجات - مدينة العقبة، البوابة الجنوبية للأردن والمركز الاقتصادي الحيوي، تعاني من مشاكل هندسية مرورية قاتلة في بعض شوارعها الرئيسية. من بين هذه الشوارع، يبرز الشارع الممتد من إشارات إسكان الجيش وصولاً إلى دوار السلال، وتقاطع الرجوع (يوتيرن) في منتصف الشارع كأحد أخطر النقاط المرورية التي تهدد سلامة المواطنين.
مشكلة التقاطع: تصميم يفتقر إلى التخطيط السليم
التقاطع الذي يفتقر إلى مسرب تخزين واضح يشكل تحديًا خطيرًا للسائقين، حيث تمتد الجزيرة الوسطية على طول نحو 100 متر قبل التقاطع. السائقون المسرعون، ومنهم من يتجاوز السيارات بشكل متهور، يجدون أنفسهم في مواجهة مفاجئة مع سائقين آخرين يحاولون خفض السرعة للدخول إلى التقاطع. هذا التداخل الخطير يزيد من احتمالية وقوع حوادث مميتة.
إضافة إلى ذلك، توجد على الجزيرة الوسطية صخرة جرانيتية تجميلية عملاقة تعيق الرؤية وتزيد من تعقيد المشكلة. هذا التصميم يطرح تساؤلات حول فكر المهندس الذي وضعها ضمن مخطط اللاندسكيبنغ دون مراعاة لأبسط معايير السلامة.
شارع رئيسي يتحول إلى ميدان سباق:
الشارع بمسربيه الصاعد والنازل يُعد شريان العقبة الرئيسي وامتدادًا لمدخل المدينة، حيث يربط بين العديد من الأحياء السكنية الكبيرة. ومع ذلك، تحول هذا الشارع إلى ما يشبه ميدان سباق مفتوح، يعبره سكان المدينة يوميًا بسياراتهم وأطفالهم في طريقهم إلى المدارس، ما يجعلهم عرضة لخطر دائم.
بالإضافة إلى ذلك، يمر السياح بهذا الشارع عند دخولهم المدينة لأول مرة، مما يترك انطباعًا سلبيًا ويشكل لهم حالة من الرعب المروري. هذا الواقع الطارد للاستثمار يتناقض مع أهداف العقبة كمنطقة اقتصادية خاصة تُفترض فيها مراعاة أعلى معايير التخطيط والبنية التحتية.
استغاثات المواطنين تواجه التجاهل:
على مدى أربع سنوات، وجَّه المواطنون نداءات متكررة للسلطات ذات العلاقة، وأرسلوا شكاوى عبر الصحف والإعلام المرئي والمسموع، وقاموا بزيارات ميدانية للجهات المسؤولة. لكن الردود ظلت وعودًا غير مُحقَّقة.
تم التذرع بأن المخطط الشمولي الاستراتيجي للعقبة 2040 سيعالج هذه المشكلة، رغم أن الخطط التنموية طويلة الأجل لا تقدم حلولاً آنية لمشاكل الشوارع. كما أُشير إلى أن أمانة عمان ستقدم توصيات عبر لجنة المرور الخاصة بها، لكن مرَّ أكثر من نصف عام دون أي استجابة فعلية.
فجوة بين المجتمع المحلي والسلطات:
الفجوة بين المجتمع المحلي والسلطات ذات العلاقة كانت واضحة، ما استدعى تدخل جلالة الملك في زيارته الأخيرة للعقبة، حيث وجه بتشكيل مجلس استشاري من المجتمع المحلي. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذه التوجيهات الملكية حتى الآن، مما يفاقم الإحباط لدى السكان.
النقاط العمياء والرعب المروري: أزمة مستمرة
النقاط المرورية العمياء والأخطاء الهندسية المرورية في العقبة ليست محصورة بهذا الشارع فقط، بل تمتد إلى مناطق أخرى. الكل يعاني، والرعب المروري يسود المشهد، بينما يبقى غياب الاستجابة الفعلية من السلطات معضلة حقيقية. إن معالجة هذه المشاكل تتطلب تحركًا فوريًا وشاملًا، بدلاً من التذرع بخطط طويلة الأجل.
دعوة لحلول على أرض الواقع:
إن حماية الأرواح وضمان السلامة المرورية مسؤولية الجميع، وعلى السلطات ذات العلاقة أن تضع حدًا لهذا التحدي المروري الخطير. يجب أن تكون هناك حلول عاجلة تعيد الثقة بين المجتمع المحلي والجهات المسؤولة، وتجعل من العقبة نموذجًا يحتذى به في التخطيط الحضري الآمن والمستدام.