بيان الحكومة الذي ألقاه الرئيس جعفر حسان لطلب ثقة مجلس النواب على اساسه تحدث عن المستقبل باكثر مما ذكر ما سبق واتى على الحاضر فيما يهم المستقبل.
بيان الحكومة لم يذكر في اي من فقراته الضغوط الاقتصادية واثرها على الخزينة كذريعة بل على العكس قدمها على اساس انها يجب ان تتحول الى فرص وهكذا كان عندما سرد عددا من المشاريع الكبرى والافكار والبرامج المرتبطة بمدد زمنية للانجاز.
لم يبحث البيان عن شماعة يعلق عليها التراجع كما درجت العادة بل بحث عن روافع يعلق عليها الارادة والقدرة على العمل.
لم يأتِ البيان على ذكر مقدمات لقرارات صعبة لغرض تجهيز الرأي العام لها بل كانت غابة مفرداته شحذ الهمم واشاعة روح التفاؤل والحض على العمل والانفتاح على كل فكرة ورأي يهدف الى انجاح برامج الحكومة.
لم يتذرع البيان بالظروف الاقليمية ولا بالحروب ولم يهرب الى الامام بل تستر بقوة الى الامكانات المحلية والقدرات وشعاره «نعم نستطيع».
البيان يقول ان الاردن بيت هادئ في حي مضطرب وهذه هي الرسالة الي اراد ايصالها، هذا البلد يعمل لخدمة قضايا الامة وفي المقدمة القضية الفلسطينية ويعمل لاستقرار المنطقة، لكن هذا الجهد لن يمنعه من ان يمضي قدما في تنفيذ برامجه على قاعدة تحييد المؤثرات الخارجية وليس اهمالها او التحوط لها.
سألني صديق، ما لهذه الحكومة وقد سلكت فسحة من قرارات تنم عن تسهيلات واعفاءات ضريبية وغيرها وكأنها امام كنز او على موازنة فيها من الفوائض ما يكفي.
قلت ان الصورة العامة تبدو كذلك لكن في قلب كل قرار معنى اقتصادي واجتماعي، اما الاول فهو تنظيف عدد كبير من الملفات العالقة ذات الاثر المالي وفي ذلك فائدة مزدوجة للناس والخزينة ام هل كان من المفيد ان تبقى هذه الحسابات جامدة لا يستطيع الناس حلها ولا تستفيد الخزينة منها.
حسنا سننتظر الاثر المالي لهذه القرارات اما بالنسبة للناس فقد كان واضحا في ايجابياتها اما الخزينة فان ما تم تحصيله وما سيتم لم يكن ليتم لو بقيت قضايا الناس في الجمارك وفي الضريبة وفي الاموال الاميرية وفي تراخيص اكثر من ربع مليون مركبة لسنوات قادمة ترث ملفاتها حكومة تخلف اخرى.
القرارات الصعبة ليست في زيادة الضرائب أو تخفيض الدعم بقصد توفير المال لسد عجز الموازنة، فهي أسهل الحلول بل القرارات الصعبة هي الجرأة في اغلاق ملفات ذات بعد مالي عالقة لا تمس خشية التأثير على ايرادات الخزينة.
كل القرارات الاقتصادية والمالية صعبة، فليست هناك قرارات كلها منافع وتستطيع إرضاء الجميع، فكل مكسب له ثمن، ومقابل من يستفيد هناك من يتضرر، كما أن هناك منافسة في الأولويات، بين الحاضر والمستقبل.
بعـض القرارات لها نتائج سـيئة اقتصادياً ومالياً ولكنها قد تكون لازمة لتجنب الأسوأ، فالخيار في هذه الحالـة بين السيئ والأسـوأ، أو بين المر والأشـد مرارة.
qadmaniisam@yahoo.com