عندما تم إقرار قانون الانتخاب الجديد، وتضمَّن مواد تعنى بتعزيز دور القائمة الحزبية، كان الهدف الأساسي هو تحسين أداء النائب الحزبي وضمان بقائه ضمن إطار برنامج الحزب الذي انتُخب على أساسه. فالنائب، الذي يصل إلى البرلمان من خلال قائمة حزبية، يمثل الحزب ويعمل وفقاً لبرنامجه السياسي، وليس فقط وفقاً لمصالحه الشخصية أو توجهاته الفردية.
ويترتب على ذلك أن المواطن سيكون قادراً على محاسبة النواب الذين نجحوا عبر قوائم حزبية، كما سيحاسب الأحزاب التي تجاوزت العتبة الانتخابية، مما يعزز من مبدأ المساءلة السياسية.
ولكن في المقابل، يجب أن نؤكد على أن المقعد البرلماني هو في النهاية للأحزاب، وليس للأفراد. ومع ذلك، يجب ألا يتم استخدام هذا الحق كسيف مسلط على رقبة النائب، بحيث يُجبر على اتباع التعليمات الحزبية بشكل مطلق دون مساحة للتعبير عن قناعاته الشخصية أو مصالح دائرته الانتخابية.
إلى اليوم، لم يظهر النواب أي سلوك نيابي يعكس تطوراً إيجابياً أو حتى سلبياً ملموساً، باستثناء انتخاب رئيس مجلس النواب التي تظل مؤشراً بسيطاً في إطار عمل المجلس، ولم نشهد أي خطوات حاسمة مثل سحب الثقة من الحكومة، أو طرح موازنة على النقاش الجاد، أو استخدام الأدوات البرلمانية بشكل يتجاوز الشكليات ليعكس التوجهات الحقيقية للأحزاب.
إننا لا نرغب في المبالغة في الحديث عن استقلالية الأحزاب السياسية، ولا نريد أن تتحول هذه الاستقلالية إلى أداة للتقلبات المزاجية التي قد تكون نتيجة لتوجهات الأمين العام أو المكتب السياسي للأحزاب. فالأحزاب يجب أن تظل هي الإطار الرئيسي الذي يُحدد توجهات نوابها، ولكن دون أن تصبح هذه التوجهات محكومة بالبيروقراطية الحزبية الضيقة التي قد تعيق تطور العمل البرلماني.
في النهاية، أعتقد أننا بحاجة إلى المزيد من الوقت والمراجعة الموضوعية من أجل تحسين وتجويد هذه التجربة الديمقراطية. لا شك أن الأردن يمر في مرحلة مخاض سياسي يتطلب الكثير من الصبر والتأني، قبل أن نتمكن من الوصول إلى نسب إيجابية أفضل في الأداء البرلماني والحزبي على حد سواء. ونحن بحاجة إلى جهود مستمرة لتمكين الأحزاب من القيام بدورها بشكل أكثر فعالية، ليصبح البرلمان بمثابة مرآة حقيقية لتوجهات الشعب الأردني ورغباته السياسية.
وللحديث بقية.