خطاب الثقة الذي تقدمت به «الحكومة» بالامس يحمل في طياته تحديا واصرارا ورفضا للاستسلام والاستكانة والتعلل بـ«الظروف والتحديات» التي فرضت علينا من الخارج.. كما يحمل ما بين سطوره تفاؤلا بما هو قادم وعلى مختلف المستويات، فهل تنجح الحكومة؟ وعلى ماذا تستند بهذا التحدي؟
الواقع وما تفرضه المتغيرات والتحديات المتسارعة بالمنطقة تقول ان «قيام الحكومة» بالزام نفسها بتنفيذ كل ما تعهدت به من مشاريع واجراءات في ظل هذه الظروف وعدم التحجج بها امر في غاية «الجراءة والثقة»، والاهم انها وضعت اجراءاتها وتعهداتها ضمن اطار المحاسبة والتقييم، ما يعني أن هذه الحكومة تعي بالتأكيد كل هذه التحديات واعدت العدة لمواجهتها وهزيمتها.
اقتصادياً بث «التفاؤل والايجابية» من اهم وابرز الاسلحة التي تواجه بها الحكومة التحديات المفروضة عليها من الخارج، غير انها ليست كفاية ولا يجب الافراط بها وبخاصة اننا ما زلنا نعيش بدائرة هذه التحديات، وهذا يعني ان الرئيس «فرض» على نفسه وعلى الفريق الوزاري العمل تحت ضغط التحدي الذي وضعت نفسها به لرفع مستوى المسؤولية لاعلى مستوياتها ولديه ثقة بالنجاح ولا يخشى المراقبة والحساب.
الرئيس ربط تقييم الحكومة بالانجاز والعمل معلناً عن ذهاب الحكومة باتجاه تنفيذ رؤى التحديث وما رافقها من مشاريع كبرى «كالناقل الوطني» و"المدينة الجديدة» وتحسين جودة الخدمات للمواطنين من صحة وتعليم وبنية تحتية وغيرها من المشاريع الهادفة الى تحسين معيشة المواطنين وتخفيف الاعباء عليهم وتساهم بتوفير فرص العمل للشباب رغم التحديات التي راهن ايضا على تجاوزها وفريقه.
حسان بهذا الخطاب كان جريئا ومتحديا ومصرا وواقعيا ومنطقيا، فهو لم يَعد بالمستحيل ايضا بل بما يمكن لهذا الحكومة القيام به وتقديمه للمواطنين والمستثمرين ومجتمع الاعمال بشكل عام، مستنداً في تحدّيه الصعب على حكمة جلالة الملك وتوجيهاته المستمرة وعزيمة الاردنيين وقدرتهم على تطويع الازمات وقلبها لفرص والاهم الاستقرار النقدي والمالي والسياسي بالمملكة.
الحكومة بالامس لم تقل كلاما «انشائيا» بل ذهبت الى اجراءات ومشاريع تعتزم القيام بها دون تردد او ابطاء ووضعت نفسها تحت مجهر الرقابة البرلمانية والشعبية وهذا ان دل فيدل على ان الرئيس وفريقه الوزاري واثقون بانهم قادرون على التنفيذ رغم التحديات، وباللغة العامية حاسبينها بـ"الورقة والقلم» ويمتلكون تصورا كاملا لما يقومون به على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
خلاصة القول، «خطاب الثقة» الذي تقدمت به الحكومة أمس لنيل ثقة مجلس النواب اتسم بـ«الجراءة» من جهة وبـ«الثقة»من جهة اخرى، فمن ناحية ان تلزم الحكومة نفسها بهذه المشاريع والاجراءات والتعهدات في ظل هذه التحديات يعتبر جراءة كبيرة، ومن ناحية اخرى ان يؤكد رئيسها ان الانجاز والعمل هما الفيصل في تقييم وانجاز عمل الحكومة فهذه ثقة مطلقة بانها قادرة على تحقيق ما تعهدت به، ولهذا فلنمنحها فرصة لاننا دائما محكومون بالامل فقط.