مدار الساعة - ليث الجنيدي
يحل "اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني" اليوم الجمعة، وهي المرة الثانية التي تتجدد فيها المناسبة مع استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بقطاع غزة دون رادع دولي يوقفها.
والمناسبة التي تنظمها الأمم المتحدة، نص عليها القرار 181 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة، في 29 نوفمبر 1947، للتذكير بقرار تقسيم فلسطين إلى دولتين "عربية" و"يهودية".
إلا أن هذا القرار في غياب التطبيق بات حبراً على ورق، ولا يعدو كونه مناسبة مع وقف التنفيذ، خاصة في ظل عجز المجتمع الدولي عن القيام بأي إجراء يضع حدا لظلم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
ومع مرور 47 عاما على إقرار الذكرى، أصبح يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني "عاجزاً ومغيبا" في ظل "غطرسة إسرائيلية تحتمي بالولايات المتحدة الأمريكية"، وفق ما يصفه عبد الله كنعان، أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس بالأردن (حكومية مستقلة)، في مقابلة خاصة أجرتها معه الأناضول في مكتبه بالعاصمة عمان.
عجز دولي
يقول كنعان: "يوم التضامن عاجز ومُغيب اليوم، نعيش ظاهرة أبارتهايد (فصل عنصري) تحت إبادة جماعية (في غزة) منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وعجز دولي في إصدار قرار أممي لوقف الحرب ولو بدوافع إنسانية، ويقابل هذا العجز تمادي ومماطلة إسرائيلية بشأن السماح بدخول المساعدات، ولاشك أن الاحتماء بحليفتها أمريكا هو السند لهذه الغطرسة".
وأضاف "يوم التضامن هو رسالة للأمم المتحدة ومجلس الأمن بأن هناك شعبا فلسطينيا يباد وحربا تهدد بتوسعها الإقليم والمنطقة والعالم، وللأسف أصبحنا نحتاج يوم تضامن مع الشعب اللبناني والعراقي والسوري ولا نعلم بعد ذلك إلى أين ستصل الاعتداءات الإسرائيلية".
وأشار إلى أن "الجمعية العامة للأمم المتحدة، واليونسكو، والمحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل وقراراتها بما في ذلك الأيام الدولية، لا تعني شيئاً أمام الصلاحيات المطلقة لمجلس الأمن، وتحديداً أمام الفيتو (سلطة النقض) وقوة تأثير اللوبي الصهيوني ممثلاً بالايباك (لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية) الداعم لإسرائيل".
وبين أن "احتفال الجمعية العامة بالمناسبة هذا العام سيكون بإقامة معرض تحت شعار غزة، فلسطين، أزمة إنسانيتنا. وبدأ 26 نوفمبر/ تشرين الثاني ويستمر حتى 5 ديسمبر/ كانون الأول 2024"، متسائلاً "هل هذا ما نحتاجه فقط من الأمم المتحدة لنصرة الشعب الفلسطيني والتضامن معه؟".
الموقف العربي والإسلامي
وأوضح كنعان أن "الملك عبد الله الثاني صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، يقول مخاطباً الأمتين العربية والاسلامية وأحرار العالم: لا نريد كلاماً، نريد جهوداً ملموسة لإنهاء المأساة وإنقاذ أهلنا في غزة وتوفير ما يحتاجون من مساعدات".
وتابع: "من هنا جاء الجهد والواجب الأردني منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة بإقامة جسر جوي إغاثي ومساعدات عاجلة لإنقاذ الجرحى والشعب الفلسطيني من مجاعة وحشية".
ومضى: "باتت إسرائيل بسياسة الأبارتهايد والقتل التي تنتهجها لا تقيم أي أهمية للموقف العربي والإسلامي تجاه ما يجري في غزة، وهذا مرده أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بزعامة (بنيامين) نتنياهو وجدت في العدوان على غزة فرصة لتحقيق استراتيجيتها ومخططها الصهيوني بتهجير أهل فلسطين وإقامة دولة يهودية مطلقة السيطرة".
واستدرك: "كما أن نتنياهو يرى في الحرب فرصة لتوجيه بوصلة الرأي العام الداخلي نحو أمور أخرى تشغله عن محاسبته".
واستطرد: "كل هذه الأسباب أصبحت عملياً دافعاً للاستمرار في الحرب لتحقيق حزمة من الأهداف بغض النظر عن أي موقف دولي سواء كان عربياً أو إسلاميا أو غير ذلك".
وأردف: "كما أن انعقاد أكثر من قمة عربية وإسلامية مشتركة وعدة دعوات للجمعية العامة ومجلس الأمن بالانعقاد لم ينتج عنها أي قرار يوقف العدوان الاسرائيلي، الأمر الذي جعل إسرائيل تنعم بموقف أشبه ما يكون بالدبلوماسية الناعمة التي تفتقر لأي ‘جراءات ردع".
تعهدات صورية
واعتبر كنعان أن "عجز المجتمع الدولي سببه أن ما يعتمد في وقت الأزمات الدولية هو فقط الاجتماعات واللقاءات على صعيد كافة المنظمات الدولية بصورة تعهدات وقرارات صورية لا قيمة لها عمليا، وهي سياسة تفتقر أيضاً للردع والعقاب".
ولفت إلى أنه "في حالة العدوان على غزة نجحت الدبلوماسية الإسرائيلية للأسف ومن خلال تزييف الحقائق وبث التقارير الكاذبة بقلب الواقع ووضع إسرائيل في صورة الضحية وهي في الحقيقة الجلاد، مما ساعدها في كسب الموقف الدولي الغربي لصالحها خاصة الأمريكي والحصول على دعم شامل منها".
وقال: "إن أي منظمة دولية ومثال ذلك اليونسكو والمحكمة الجنائية الدولية إذا ما صدر عنها أي قرار يدين إسرائيل تثار ضدها حملة دولية تصفها بأنها ليست صاحبة الاختصاص أو معادية للسامية، ويذهب الأمر بعيداً بالتهديد المباشر بإمكانية وقف دعمها أو عدم تقديم أمريكا التبرعات المالية السنوية لها على سبيل المثال".
وأكد كنعان أن "الموقف الذي تحتاجه الجماهير العربية هي المواقف الفاعلة القادرة على التضامن الحقيقي مع الشعب الفلسطيني، ومن ذلك الموقف التركي عندما أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان قطع التجارة والعلاقات مع إسرائيل، باعتبارها دولة لها وزنها الإقليمي ومكانتها الدولية مع حلف الناتو وسياستها المعتدلة عالميا والثابتة في دعمها للشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن موقف تركيا "موقف قوي ينسجم مع ما قام به الأردن في نوفمبر عام 2023 من سحب سفيره من تل أبيب، على خلفية حرب الإبادة الجماعية المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة".
وشدد على أنها "خطوات دبلوماسية مهمة فعالة تضع إسرائيل في عزلة دبلوماسية مع المحيط والإقليم الذي تراهن حكومتها على أنه سيتحقق لها معه السلام، خاصة مع ما نشاهده من مسيرات حاشدة سواء داخل البلاد العربية أو في الخارج، إضافة إلى اعتراف الكثير من الدول في العالم بالدولة الفلسطينية واستعداد بعضها الآخر ايضاً إلى تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية الصادر مؤخراً".
وفي 29 نوفمبر من كل عام، تُقام في عدد من دول العالم فعاليات تضامنية مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المنتهكة من قبل إسرائيل؛ لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1977.
وتحل هذه الذكرى للعام الثاني على التوالي وسط استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وخلفت حتى الآن نحو 149 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر الجاري، بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين.