أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة أحزاب وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: أمريكا وبريطانيا تشعلان الحرب


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: أمريكا وبريطانيا تشعلان الحرب

مدار الساعة ـ
بعد قصف كل من أمريكا وبريطانيا وعموم "الناتو" مؤخراً لأطراف العمق الروسي بصواريخ بعيدة المدى التقليدية والمحدودة التأثير، والتي لامست منطقة " كورسك " المحاددة و"برانسك " قرب بيلاروسيا الواقعتين في إطار خطة الغرب للنصر، وبالتعاون مع نظام " كييف "، والذي ردت روسيا عليه بصاروخ باليستي أطلقت عليه اسم (أوريشنيك؛ أي البندق) تستخدمه لأول مرة في المعركة. وتهدف أوكرانيا " كييف" إلى الضغط على موسكو لمغادرة (القرم والدونباس وزاباروجا وخيرسون)، أي الأراضي ما بعد استقلال أوكرانيا عام (1991)، وفقاً لقراءتهم للقانون الدولي، وبعكس القراءة الروسية ومن زاوية العمق التاريخي، والتي هي بالنسبة إلى روسيا جميعها أراضٍ روسية الأصل، وبعد إعلان رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين توقيع إستراتيجية روسيا النووية الحديثة التي تجيز ردع أي اعتداء على العمق الروسي بأسلحة صاروخية بعيدة المدى موجهة عبر " كييف " من قبل " الناتو "، وحسب حجمه هو اعتداء مباشر على روسيا يستوجب الردع السريع. لكن الخط الساخن الرقابي والعسكري والإسنادي (اللوجستي) بينهما موجود، ويمنع الاصطدام المباشر في الوقت نفسه. و" الناتو " الذي يعبث بنار الحرب الأوكرانية التي افتعلها بنفسه يتعمد عدم استيعاب قدرات روسيا النووية العسكرية الثقيلة التي تحتل من حيث العدد وقوة النار الرقم 1 عالمياً، تدعي أمريكا قائدة " الناتو " في الوقت نفسه بأنها لا تخاف روسيا، وهو أمر مخادع؛ لأن نتيجة حرب عالمية ثالثة نووية ستكون مدمرة للحضارات وللبشرية ولتجمعها العسكري النووي أولاً.
والمعروف لدينا هو أن بريطانيا – باريس جونسون، وأمريكا – جو بايدن هما من رصد لوجستياً الحَراك " البنديري " المتطرف وسط الثورات البرتقالية وانقلاب " كييف " عام (2014)، قبل ذلك وبعده، واستثمراه بالتعاون مع نظام " كييف – باراشينكا وزيلينسكي والغرب، وحلف "الناتو" للانقضاض على المكونين الأوكراني والروسي معاً، واستهداف روسيا العظمى الناهضة تحديداً والصين الشعبية وإيران. وبدلاً من الخوض عبر تفسير القانون الدولي عبر الحوار توجه الغرب مجتمعاً صوب تدفيق السلاح والمال الأسود الوفير وبحجم ملياري دولار ضخم يصعب رصد حجمه المتصاعد هنا، ليس بهدف المطالبة بحماية استقلال أوكرانيا المخادع، التي رفض شرقها وجنوبها قبول انقلاب " كييف " والتعايش مع نظام أوكرانيا – البنديري المتطرف، وأعلنوا عن ذلك عبر صناديق اقتراع صوتت لصالح الانضمام الأبدي لروسيا جارة التاريخ. ولقد أفشل الغرب والعاصمة " كييف " إمكانية بقاء إقليم (القرم) في مكانه عام (2014) في إطار السيادة الأوكرانية، وأفشلوا اتفاقية "مينسك " (2015)، وواصلوا إفشال حوارات تركيا، وهو ما استمعت إليه في كلمة سيرجي لافروف وزير خارجية روسيا في مؤتمر صندوق ومؤسسة (روسكي – مير) في موسكو بتاريخ 3 نوفمبر الجاري (2024)، والهدف بعيد المدى استنزاف روسيا بالذات، ولديمومة الحرب الباردة وسباق التسلح.
يدعي الغرب (المتحضر) بأنه يفهم القانون الدولي أكثر بكثير من روسيا التي يصفها بالمحتلة لأوكرانيا، ويرفض معرفة بأن روسيا الأكثر تمسكاً بالقانون الدولي على خارطة العالم ليس في قضية أوكرانيا فحسب، وإنما بكل ما يتعلق بعدالة القضية الفلسطينية وقضايا الصراع العربي مع إسرائيل أيضاً. ولقد أصبح مطلوباً من الغرب قراءة التاريخ الذي يرفض استيعابه، حيث تنص اتفاقية انهيار الاتحاد السوفيتي لعام (1991) على أنه لا يجوز للدول المستقلة الدخول بتحالفات معادية، أو الابتعاد عن الحياد، وسبق لمستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل أن أجلت طلب كل من جورجيا وأوكرانيا لدخول " الناتو " لكيلا تثير حفيظة روسيا. ومادة ميثاق الأمم المتحدة رقم (751) نصت على وجوب الدفاع عن النفس في حالة تعرض السيادة للعدوان والخطر، وتعتبر روسيا " كييف " هي من بدأت الحرب وبالتعاون مع الغرب – الناتو، وهو ما قابلته روسيا بتحريك عملية عسكرية خاصة دفاعية استباقية تحريرية بتاريخ 24 / شباط / 2022 نجحت بالفعل حتى الآن في تحرير (القرم، والدونباس، وزاباروجا، وخيرسون)، بينما يعتقد الغرب أنه نجح عبر خطة النصر المشتركة مع " كييف " بديمومة الحرب والعبث بأعصاب روسيا فقط.
وذهب الغرب عبر – أمريكا وبريطانيا والمكون اللوجستي الغربي إلى بناء مراكز مبكرة بيولوجية ذات علاقة مباشرة بنشر فايروس " كوفيد 19 " في المنطقة السلافية حملت اسم "هانتر بايدن"، وشجعوا " كييف" على إنتاج قنبلة نووية وأخرى قذرة مصغرة بهدف إحداث توازن عسكري سرابي مع روسيا، وهو ما أفشلته روسيا عبر حوار مباشر مع " الناتو " والأمم المتحدة من خلال الخط الساخن. وشجعوا على صدام دموي بين غرب أوكرانيا وشرقها راح ضحيته بداية أكثر من 14 ألف قتيل وتشريد غيرهم. وتطاول غربي مشترك إلى جانب " كييف " على خط الغاز " نورد ستريم 2 "، وعلى جسر القرم لتعميق الخلاف ليس بين موسكو و" كييف " فقط، وإنما بين موسكو والغرب، وهو ما يريده الغرب نفسه وصناع القرار عندهم القابعون خلف جدران " الأيباك" و" الكونغرس " و" البنتاغون " أكيد. واستهدفوا معاً الصحفيين الروس في ميدان الحرب ووسط العمق الروسي، وقُتل صحفيون أوكران في المقابل جراء احتدام المعارك. وثمة محاولتان للجيش الأوكراني وبإسناد أمريكي وغربي لمهاجمة الأراضي الروسية فشلتا، كان آخرها عملية " كورسك"، والمعروف بأن روسيا تراقب المشهد وتصبر وتهاجم حين يأتي وقت الهجوم الذي يحقق النصر.
الملاحظ الآن هو أن حلف "الناتو" يوسع من نشر قواعده العسكرية في أوروبا وشرقاً، وفي إسبانيا، وفي بولندا، ورومانيا، وتركيا، ومنها على شكل مراكز للمراقبة العسكرية والسيطرة، وتقابل روسيا المستهدفة حراك " الناتو " بعقيدة عسكرية إستراتيجية حديثة لا تسمح بأي نوع من التطاول المباشر على العمق الروسي ولو كان عبر العاصمة " كييف". ومراهنة دولية جديدة على قدوم دونالد ترمب إلى البيت الأبيض - 20 يناير 2025 - القادم للتخفيف من حدة سباق التسلح، ومن ثم الحرب الباردة أيضاً التي قد تتحول إلى ساخنة خطيرة في حالة تجاوز الخطوط الحمر للدولة الروسية، ولضبط الصراع الدولي القائم. وروسيا التي نعرفها أكبر من دولة، وتظهر وسط خارطة العالم على شكل إمبراطورية هي الأكبر مساحة في العالم، أكثر من 18 مليون كلم 2، والأولى على اقتصاد آسيا، والأكثر امتلاكاً للمصادر الطبيعية في العالم، وصاحبة الرقم 1 عسكرياً نووياً كما أكتب دائماً عن معرفة، وليس من زاوية الانحياز أو العاطفة.
وروسيا في التاريخ السوفيتي لم تسامح الهجوم الياباني عام (1945)، وما زالت تحتفظ بجزر الكوريل اليابانية (كوشنار، وإيتيوروب، وهامبومباي، وشيكوتان) تحت السيادة الروسية، ولم تسمح لأمريكا بالهبوط في أفغانستان عام (1979) وسط سعير الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، ولن تتراجع في سلامها مع " كييف" عما حررته مثل القرم، والدونباس، وزاباروجا، وخيرسون، وهي ماضية في التحرير لحماية الدونباس والأراضي الروسية عبر خاركوف وأوديسا حتى نهر الدنيبر كما يبدو. وأوكرانيا بالنسبة للتاريخ الروسي يطلق عليها لقب "روسيا الصغيرة " والتي خصصها زعيم الثورة البلشفية فلاديمير لينين للزراعة وقتها، ودفع الزعيم السوفيتي نيكيتا خرتشوف عام (1954) بالقرم الروسي تجاه أوكرانيا لأسباب اقتصادية ومائية. ولما قررت العاصمة " كييف " إدارة الظهر لروسيا، قررت موسكو الذهاب إلى التحرير والمحافظة على السيادة.
مدار الساعة ـ