تلعب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة دورًا محوريًا في تعزيز النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، وتشجيع الابتكار في الأردن، حيث تساهم هذه المؤسسات بنحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوظف حوالي 60% من القوى العاملة.
لكن على الرغم من هذه الأهمية، تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحديات كبيرة تتعلق بالحصول على التمويل، والأعباء التنظيمية، والوصول إلى الأسواق، وهنا يبرز دور الحكومة ممثلة بوزارة الادارة المحلية والبلديات في توفير بيئة داعمة لهذه المؤسسات؛ لتمكينها وتعزيز دورها في التنمية الاقتصادية.
في الأردن، اتخذت البلديات العديد من الخطوات لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، منها إنشاء مراكز تطوير الأعمال التي توفر التدريب والإرشاد والموارد الضرورية للنمو.، كما استثمرت الحكومات في تطوير الأسواق والمناطق الصناعية، توفير بنية تحتية ميسورة التكلفة، بالإضافة إلى ذلك، تسهم البلديات بالتعاون مع مؤسسات مثل مؤسسة تطوير المشاريع الاقتصادية لتسهيل الوصول إلى التمويل الصغير، ما يساعد المؤسسات على توسيع نطاق أعمالها.
في الآونة الأخيرة، بدأت البلديات أيضًا بتسهيل الإجراءات التنظيمية من خلال رقمنة عمليات تسجيل وترخيص الأعمال، مما يقلل من الأعباء البيروقراطية.
لكن رغم هذه الجهود، لا تزال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الأردن تواجه تحديات، أبرزها محدودية الوصول إلى التمويل، حيث لا تحصل إلا على 8% من القروض البنكية مقارنة بـ20% في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما تعاني المؤسسات في المناطق النائية من نقص في الاستفادة من المبادرات التي تركز على المناطق الحضرية.
عند مقارنة الجهود الأردنية مع ممارسات دول أخرى، نجد أمثلة ملهمة يمكن الاستفادة منها: ففي ألمانيا، تقدم البلديات الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال نموذج "Mittelstand"، الذي يشمل قروضًا مدعومة، وحاضنات أعمال، وشراكات بين القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى توفير برامج تدريبية بالتعاون مع غرف التجارة.
وفي الهند، تركز البلديات على دعم ريادة الأعمال الريفية من خلال برامج مثل "Startup India"، التي توفر إعفاءات ضريبية وتسهيلات تنظيمية ومنصات رقمية تربط المؤسسات بالمستثمرين، أما في كوريا الجنوبية، فتُعد الحدائق الابتكارية نموذجًا مميزًا لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تسهيل الوصول إلى رأس المال المغامر وبرامج لدعم التصدير، مع تقديم البلديات حوافز للشركات التي تتبنى تقنيات صديقة للبيئة.
عند النظر إلى الأردن مقارنة بهذه الممارسات الدولية، نجد أن هناك مجالات عديدة يمكن للبلديات الأردنية تحسينها حيث يمكن، على سبيل المثال، تطبيق نماذج التدريب التعاونية المستخدمة في ألمانيا لتعزيز مهارات العاملين في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أو تبني نهج الهند في دعم ريادة الأعمال الريفية من خلال التكنولوجيا لتشجيع النمو في المناطق الأقل حظًا.
كما يمكن أن تستفيد المدن الأردنية مثل عمان والزرقاء من نموذج كوريا الجنوبية عبر إنشاء مراكز للابتكار تدعم التحول الرقمي وتطور الأعمال القائمة على التكنولوجيا، لتعزيز دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الأردن، الأمر الذي يتطلب توسيع نطاق آليات التمويل من خلال الشراكات مع البنوك المحلية والجهات المانحة الدولية، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص؛ لتوفير الإرشاد والتمويل، والاستفادة من التكنولوجيا الرقمية لبناء منصات للتدريب وربط الأسواق، والتركيز على تقديم خدمات دعم متكاملة للمناطق الريفية لتقليل الفجوات الجغرافية ما بين المحافظات.