مدار الساعة - تصوير: محمد ابو كف - افتتحت وزيرة التنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى، اليوم الأربعاء، أعمال المؤتمر الدولي حول "دور المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في تعزيز واحترام حقوق الطفل الفلسطيني".
وقالت بني مصطفى، "بعد مضي 411 يوما منذ بدء العدوان الغاشم والإبادة الجماعية في غزة يبدو التكلم بلغة الأرقام عبثيا أمام هول الدمار والكارثة الإنسانية المستمرة، فقد قارب عدد الضحايا إلى 45 ألف شهيد، يشكل الأطفال والنساء نسبة 70 بالمئة منهم".
واقتبست بني مصطفى من كلام جلالة الملك عبد الله الثاني حينما قال: "لقد تسبب العدوان الإسرائيلي أحد أسرع معدلات الوفيات مقارنة بالصراعات الأخيرة، وأسفر عن المجاعة بسبب الحروب، وأكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف، ومستويات غير مسبوقة من الدمار، لقد قتلت الحكومة الإسرائيلية في هذه الحرب أطفالا وصحفيين وعمال إغاثة إنسانية وطواقم طبية أكثر من أي حرب في التاريخ الحديث".
وأضافت، أنه من المفترض أن يوفر القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني الحماية للمدنيين عامة وللأطفال خاصة بوصفهم من الفئات الأكثر هشاشة وضعفا خلال الحروب والنزاعات، إلا أن إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال دأبت منذ عقود على الضرب بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط، وخرق الاتفاقيات والمواثيق الدولية كافة خاصة المتعلقة بحقوق الإنسان، وأهمها اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989.
وأشارت إلى أنه بجانب أعمال الاستهداف المباشر والتصفية الجسدية لعشرات الآلاف من الأطفال، فتحت إسرائيل سجونا ومحاكم خاصة بهم، فهناك ما يزيد على 700 طفل يحاكم أمام المحاكم العسكرية كل عام، وآلاف المعتقلين منهم، إضافة إلى أن التقارير الصادرة عن منظمة اليونيسيف تبين التأثير الكارثي لهذه الحرب على الأطفال والأسر، حيث يقدر عدد من هجروا داخليا في غزة ما يقارب 9ر1مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال الذين لا يحصلون على ما يكفي من الماء والغذاء والدواء، وهناك أكثر من 600 ألف طفل محاصرون في رفح وحدها وليس لديهم مكان آمن يذهبون إليه.
وبينت أن أصدق ما يعبر عن ذلك ما قالته جلالة الملكة رانيا العبدالله في وصفها لهذه المأساة بقولها: "أسهل طريقة لتبرير إيذاء الأطفال هي تجريدهم من طفولتهم، وإعطائهم صفات أكبر من عمرهم، وشيطنتهم وجمعهم معا بعشرات الآلاف حتى يصبحوا كتلة واحدة بلا ملامح".
وأكدت بني مصطفى أن الأردن وقف بكل صلابة في وجه العدوان الغاشم على غزة والاعتداءات الإسرائيلية كافة في الضفة الغربية، والجهود الدبلوماسية والسياسية التي بذلها وقادها جلالة الملك عبد الله الثاني، والحكومة لوقف الإبادة الجماعية، وكشف زيف وكذب الرواية الإسرائيلية لما حدث.
وأضافت أن ذلك أسفر عن كثير من التحولات في مواقف الدول وتصدت لمطامع التهجير القسري والتوطين وإنهاء الأونروا، واستطاعت بكل شجاعة واقتدار تقديم مساعدات إنسانية إغاثية ناجزة، وكسر الحصار المفروض على مناطق متعددة في القطاع جوا وبرا، مؤكدة أن التفاعل الأردني حاضر بقوة رسميا وشعبيا لنصرة فلسطين ومقدساتها وتعزيز صمود أهلها.
من جهتها، عرضت وزيرة التنمية الاجتماعية في فلسطين، الدكتورة سماح حمد، لمعاناة الأطفال في عموم فلسطين خاصة في قطاع غزة منذ العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول العام الماضي، والذي تسبب بارتقاء عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين، جُلهم من الأطفال والنساء وكبار السن.
وقالت إن الأطفال في قطاع غزة فقدوا أحلامهم في ظل استمرارية الإبادة الجماعية، والمجازر التي ترتكب بحقهم، ومواصلة حرمانهم من الغذاء والماء والدواء والمأوى حتى باتت أحلامهم تقتصر على خيمة تأويهم برد الشتاء وحر الصيف.
وبينت حمد أن الأوبئة عادت لفلسطين بعد أن سجلت آخر إصابة بشلل الأطفال عام 2004، وفي غزة على الخصوص كانت آخر حالة مسجلة عام 1984، إلا أنه في ظل نقص المياه والدمار المتواصلة واستخدام المياه الملوثة في حياة الفلسطينيين في القطاع عادت تلك الأمراض لتفتك بالأطفال مجددا.
وأشارت إلى ما يتعرض له الأطفال من أشكال الإبادة الجماعية من قتل وإصابات وعمليات عسكرية وعنف المستوطنين والاعتقال والنزوح القسري، إضافة إلى معاناتهم من الحرمان من حقهم في الأمن والصحة والتعليم والمأوى منذ عقود، مؤكدة ضرورة أن يأخذ المجتمع الدولي دوره في إيقاف هذه الإبادة ومحاسبة الاحتلال على جرائمه.
بدورها، قالت الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية، الدكتورة هيفاء أبو غزالة، إن 70 بالمئة من الشهداء في قطاع غزة هم من النساء والأطفال، وأنه منذ 7 تشرين الأول العام الماضي إلى يومنا هذا وقع 17552 شهيدا من الأطفال، منهم 209 أطفال رضع ولدوا واستشهدوا في حرب الإبادة الجماعية، و825 طفلا استشهدوا وعمرهم أقل من عام واحد فقط.
وأضافت، إن الأطفال الفلسطينيين يعيشون في واقع مليء بالعنف والحرمان، فحوالي 3500 طفل في غزة معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، مؤكدة أن معاناة الأطفال هناك ليست مجرد أرقام وإحصائيات، بل هي قصص حقيقية لأطفال يواجهون تحديات يومية تهدد حياتهم ومستقبلهم.
وبينت أبو غزالة أن ما حدث ويحدث في فلسطين من قصف للمدنيين من الأطفال والنساء والرجال والمستشفيات والمدارس، وتدمير الخدمات والمرافق العامة بفعل قوات الاحتلال الإسرائيلي الإجرامية أمام مرأى ومسمع العالم؛ يدل على تدهور منظومة حقوق الإنسان العالمية، وعدم اعتراف الاحتلال بالمواثيق الدولية التي وضعتها الأمم المتحدة وتبنتها دول العالم.
من ناحيته، قال نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط ومنسق الأمم المتحدة المقيم مهند هادي، "لقد حرم أطفال غزة من التعليم والغذاء، ويعانون من الإعاقات، وصدمات نفسية عميقة سيبقى أثرها لأمد بعيد، ويواجهون تحديات كبيرة بسبب همجية الاحتلال، وأن منهجية الأمم المتحدة تبذل قصار جهدها استجابة للرسالة الإنسانية في حماية حقوق الأطفال وصون كرامتهم، وضرورة دعم الجهود المشتركة من أجل وقف العدوان".
وقال سفير دولة الكويت في الأردن، حمدي المري، "نجتمع اليوم ولا تزال الكارثة قائمة في قطاع غزة نتيجة جرائم وحشية يقوم بها الاحتلال بقتل المدنيين العزل، أسفرت عن أزمة هزت ضمائر العالم أجمع، دون محاسبة جادة من المجتمع الدولي في ظل خرق واضح للمواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية، ما أدى لاستمرار الاحتلال بقتل آلاف الأطفال وتدمير البنى التحتية وممارسة التهجير القسري والنزوح واللجوء، وأضحى الطفل الفلسطيني هو الضحية الأكبر".
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، فرجينيا جامبا، "إن ما يحدث اليوم على أرض الواقع يهدد مستقبل الأطفال الفلسطينيين ضمن ما يتعرضون له من قتل وإبادة متعمدة وحرمانهم من حقهم بالصحة والتعليم، حيث يعد قطاع غزة أخطر مكان لتواجد الأطفال فيه، وأكبر عدد من قتلى الأطفال فيه".
وأكدت جامبا ضرورة عودة الأطفال للتعليم، لأن من المهم إلى جانب سلامتهم الجسدية تنمية عقولهم وقدراتهم وتحقيق السلام النفسي لهم، فما شهده الأطفال في قطاع غزة بسبب النزاع المسلح سيؤثر عليهم مستقبلا بدرجة كبيرة.
الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، نجاة المعلا، أشارت إلى أن الحرب على غزة دمرت آلاف الأرواح من الأطفال الأبرياء وشردت الآخرين، داعية لحشد الجهود والدعم الدولي ومنظمات المجتمع المدني، والسعي للسماح لتقديم المساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار، لأن الأطفال في فلسطين يدفعون ثمنا باهظا في هذا النزاع.
وبين مدير شؤون الأونروا، أولاف بيكر، أن العنف والنزاع في غزة بلغ حدا كبيرا في ظل عجز المجتمع الدولي من اتخاذ إجراءات حقيقية لوقف العدوان، مشيرا إلى أن أكثر من 600 ألف طفل حرموا من التعليم، في ظل سعيهم للحصول على الأمن والغذاء والدواء.
وقال أمين عام الهيئة الخيرية الهاشمية، الدكتور حسين الشبلي، "إن هذه الظروف الصعبة تتطلب جهودا أكبر لوقف النزاعات المسلحة في فلسطين ولبنان الشقيقتين، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه المدنيين في مناطق النزاع، وضرورة احترام الطفولة وتعزيز حقوقها، مشيرا إلى دور الهيئة في تقديم المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية بالتعاون مع الشركاء الدوليين".
ممثل دولة فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، الدكتور رياض منصور، قال " إننا جميعا ندرك حجم الخوف والرعب الذي يعيشه أطفال فلسطين خاصة في قطاع غزة، الذين ينامون خائفين من الموت، ويستيقظون على أسرة المستشفيات وتحت الأنقاض، وعيونهم تبحث عن ما تبقى من أسرهم، إن هذه الكارثة لا توصف بالكلام بعدما قتلت إسرائيل ما يقارب 7 آلاف طفل، وفقد الآلاف منهم".
وجرى خلال الافتتاح عرض فيديو عن دور الأردن في حماية حقوق الطفل الفلسطيني، وفيديو توثيقي عن واقع الطفل الفسطيني، إضافة إلى عرض رسالة من أطفال فلسطين.
وحضر افتتاح المؤتمر النائب الأول لرئيس مجلس النواب الدكتور مصطفى الخصاونة، ومساعد رئيس مجلس النواب هدى نفاع، ووزيرة الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نانسي نمروقة، وعدد من النواب ووزراء ومسؤولين عرب وأجانب، ووزراء سابقين وسفراء الدول المعتمدين لدى المملكة وشخصيات سياسية وحقوقية.