جلالة الملك عبدالله الثاني، في خطاب العرش الذي افتتح به الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة العشرين، قدم رؤية متماسكة ثابتة حول استقرار الدولة الأردنية ورسوخها، ما يعكس بُعداً وطنياً عميقاً يعزز تواصل الأردن الفاعل مع الإقليم والمجتمع الدولي، هذا التأكيد على الثبات والاستقرار يأتي في وقت يتسم بتحديات إقليمية ودولية كبيرة، ما يعكس رؤية استراتيجية واضحة لجلالته حول مكانة الأردن في المنطقة.
القضية الفلسطينية احتلت حيزاً جوهرياً في خطاب العرش، حيث أعاد الملك التأكيد على أنها تمثل العنوان الأساس للسياسة الخارجية الأردنية. الأردن وكما أكد جلالته، يقف دوماً في وجه العدوان الإسرائيلي، سواء عبر الأدوات السياسية والدبلوماسية أو من خلال الدور الإنساني الذي يتجلى في دعم الأشقاء في غزة، واستمرار الوقوف إلى جانب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، هذا الالتزام الراسخ يعكس دور الأردن الرئيس كمحور فاعل في دعم القضية الفلسطينية، وهو دور يمتد ليشمل التحديات المترتبة على الأوضاع الإقليمية.
وعلى الصعيد الداخلي، ركز خطاب العرش على أهمية إنجاز مشاريع التحديث والتنمية السياسية والإدارية والاقتصادية، كونها ركائز تشكل مشروعاً وطنياً عابراً للحكومات، وهو ما يعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى، تسعى لتحفيز التنمية المستدامة وضمان مستقبل مشرق للأردن، جلالته أشار بوضوح إلى ضرورة العمل بحزم وإخلاص على تحقيق هذه الأولويات، لما تحمله من تأثيرات إيجابية على الاقتصاد الوطني، مؤكداً أن هذه المشاريع ليست خياراً، بل حاجة ملحة لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.
خطاب جلالة الملك تضمن أيضاً رسالة حازمة بشأن الحفاظ على الهوية الوطنية واستقرارها، فالأردن، كما أوضح الملك، لن يغامر بهويته أو مصالحه الاستراتيجية، ولن ينخرط في مشاريع قد تهدد ثباته أو استقراره، هذا التوجه يعكس رؤية عميقة حول أهمية الهوية الوطنية كمصدر للقوة السياسية والاجتماعية، وخاصة في ظل المحاولات الإقليمية والدولية التي تسعى لإعادة تشكيل الهويات الوطنية.
الرد الواضح في الخطاب الملكي على الأطروحات الشعبوية، التي تحاول التشكيك في استقرار الهوية الأردنية، يعكس التزاماً راسخاً بالحفاظ على الهوية الوطنية كجزء لا يتجزأ من مستقبل الدولة، جلالة الملك أشار إلى أن الأردن قادر على مواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة، بما في ذلك المؤامرات التي تسعى للنيل من مكانته أو التأثير على القضية الفلسطينية، هذه الرسائل تأتي في سياق رفض الأردن لأي مشاريع تهدد هوية الدولة أو توجهاتها السياسية، وخاصة تلك المتعلقة بالتهجير القسري للفلسطينيين أو المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
من هنا يُظهر خطاب العرش ثقة جلالة الملك بقدرة الأردن على الصمود أمام التحديات الإقليمية والدولية، ومواصلة لعب دوره المحوري في دعم القضية الفلسطينية، باعتبارها جزءاً أساسياً من الهوية الوطنية والسياسة الخارجية.
الملك أكد بوضوح أن نصرة الأشقاء في غزة والتصدي للعدوان الإسرائيلي ليس مجرد التزام سياسي، بل جزء من واجب وطني يرسخ الهوية الأردنية في سياقها التاريخي والإنساني.
في ظل هذا الخطاب، تبدو الرسائل الملكية واضحة جلِيَّة، الأردن، بقيادته وشعبه، لن يتخلى عن ثوابته الوطنية ولن ينخرط في مغامرات غير محسوبة قد تهدد مستقبله أو استقراره، بل سيواصل العمل على تعزيز التنمية الوطنية وحماية الهوية الأردنية، فيما يظل مدافعاً ثابتاً عن الحقوق الفلسطينية في وجه العدوان الإسرائيلي، ليؤكد مجدداً مكانته كركيزة استقرار إقليمي وصوتاً للعدالة في المنطقة.