إصرار نقابة الاطباء على تطبيق «لائحة الاجور» الجديدة يقابله اصرار من قبل «شركات التأمين» على اعتماد جزء منها ليس كلها، الامر الذي يجعلنا نتساءل نحن المؤمنين بالقطاع الخاص عن الحكم ومن الذي سيفصل بينهما في هذه المواجهة، والاهم هل الوقت مناسب لرفع لائحة الاجور، ومن الخاسر منها؟
الواقع يقول ان هناك مبالغة كبيرة في لائحة الاجور الجديدة، ما يعني ان هناك «عبئا كبيرا» سيقع على عاتق المؤمنين العاملين بالقطاع الخاص، ما سيساهم بخفض «قدرتهم الشرائية» و"حرمانهم العلاج» لارتفاع فاتورة التأمين عليهم. ومن جهة اخرى عدم قدرة القطاع الخاص على تحمل الزيادة الكبيرة التي طرأت على الفاتورة الجديدة عند تجديد العقود مع شركات التأمين.
لعل البعض لا يعي أن رفع «لائحة اجور» الاطباء سيكون سبباً رئيسياً لارتفاع الاسعار بكل شيء وسيُحدث تضخماً مهولاً كنا قد تجنبناه لسنوات طويلة، فارتفاع كلف الفاتورة العلاجية على القطاع الخاص سيرفع كل الكلف التشغيلية ما سيؤدي الى انعكاسها فورا على مختلف الاصناف والخدمات، خاصة ان نقابة الاطباء قد بالغت بوضع اجور غير منطقية لا تتوافق مع الظروف وكأننا نعيش قمرة وربيع.
أنا شخصيا مع تدخل الدولة؛ فأعداد المؤمنين صحيا في «القطاع الخاص» كبيرة وتفوق عدد المؤمنين بالقطاع العام، ما يعني ان هذه مشكلة عامة تستدعي التدخل الفوري وتجميد اللائحة لحين وجود توافق ما بين طرفي المعادلة وبما لا يضر بمصالح المؤمنين، فكل من يتلقون الخدمة اردنيون ويعملون بالقطاع الخاص ويدفعون الضريبة ويريحون الحكومة من مصاريف علاجهم.
والاهم ان رفع لائحة الاجور والمبالغة فيها ستقتل كل مساعي الحكومة الرامية الى تنشيط السياحة العلاجية التي بدأت باتخاذها لتنشيط القطاع، ولا يعني ان تتخذ اي نقابة قرارا ان يكون قرارها ملزما للجميع فالعمل تشاركي أولاً، كما انه لا يمكن ان نسمح لكل نقابة ان تتخذ قرارات تخص معيشة المواطنين وصحتهم بشكل ارتجالي بعيدا عن المصلحة العامة والظروف الراهنة والا فكل نقابة سترفع وستتجرأ على المواطنين.
خلاصة القول؛ لا ذنب للمؤمنين صحياً في القطاع الخاص في هذا الصراع، كما ان لا ذنب لهم بان يتحملوا مصالح هذه النقابة او الشركات، والاهم اننا يجب ألا نتعامل ابدا مع «علاج المواطنين» كسلعة عادية مثل بقية السلع، فصحة المواطنين اولوية لا يمكن التهاون بها، والاهم أننا يجب ان نحافظ على مهنة الطب في المملكة كمهنة انسانية لا أن نحولها لمهنة تجارية تعتمد على الربح والخسارة، وإلا ما فرق الأطباء عن اصحاب الورش والصيانة.