في زمنٍ غريب حيث تتشابك فيه الخطوط بين التقاليد العريقة والسياسات الهزيلة، يبدو أن الحل الأمثل لكل مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وحتى الأمنية هو رقصة تجمع بين "الهاكا" النيوزيلندية الشهيرة و"الدحية" البدوية الأصيلة. فكيف لا؟
في عصر العولمة والابتكار، قد يكون هذا المزج الغريب هو السبيل الوحيد للتعبير عن الحيرة التي نعيشها.
رقصة الهاكا، التي تنبض بالقوة والصلابة، عادة ما تُؤدى لرفع المعنويات قبل المعركة، قد تبدو مناسبة تمامًا كاستعارة لسياسات الحكومة في إدارة الاقتصاد. كل قراراتهم الاقتصادية تشبه "هاكا" متقنة الأداء، مليئة بالصراخ والحركة، لكن دون خطة واضحة لما بعد هذه الحماسة الزائدة. يصرخون بشدة عن أهمية التقشف، وضرورة الإصلاحات المالية، لكن في النهاية تجد الفساد يتمدد كراقص محترف خلف الكواليس، يهز جسده بتناسق مع ضربات الطبول العالية.
أما الدحية، تلك الرقصة البدوية المتوارثة، التي تعبر عن الفخر والترابط القبلي، يمكن أن تصبح رمزًا للكيفية التي يتم بها إدارة الشأن العام. كل وزارة تقوم بدحية خاصة بها، تحاول جاهدة أن تظهر أنها تساهم في النهوض بالبلاد، بينما في الواقع، كل الراقصين يتحركون في دوائر صغيرة ولا يتقدم أحد للأمام. الأجدر أن نطلق عليها "دحية الفساد"، حيث يتجمع الجميع حول مشكلات واضحة، يغنون ويرقصون حولها دون الاقتراب الفعلي من حلها.
ومن يدري، ربما تكون رقصة "الهاكا-الدحية" المختلطة هي الحل لمشكلاتنا المتفاقمة.
وفي الختام، ربما كل ما نحتاجه ليس مؤتمرات ولا خطب سياسية مطولة، بل درس سريع في كيفية تنفيذ هذه الرقصة الجديدة. فهي ستجمع بين القوة الزائفة والتراخي الحقيقي، بين الصراخ الفارغ والتقاعس المؤسسي.