في خضم المشهد التربوي الراهن، تستوقفني كثير من التساؤلات حول طبيعة هذا الجيل وحاله !!
لأجد قلمي ينساب بين حروفي واصفا تلك الطفولة التي عشناها لا من باب المقارنة؛ بل من باب ما غاب عن هذا الجيل من رواسخ الذكريات…
كانت البساطة رونقَ الحياة، والبسمة لم تكن تحتاج إلى عناء حتى ترتسم على وجوهنا، ولم نكن نسرق الوقت ونواجه سرعة الايام كما اليوم فقد كانت البركة طاغية والكرم سمة الحياة..
كانت البيوت تتقارب بقرب القلوب ، والتجمعات العائلية في بيت الجدّ والجدة كالاحتفالات والأعياد!
لم تكن البروتوكولات المنمقة تسيطر على الموائد، إذ كان للمائدة نسيم يحمل بين طياته الحب والدفء والقناعة..
كانت رائحة الهيل منبه الصباح ونستيقظ عليها لاستقبال يوم جديد..
والقبلة على جبين الأب ويد الأم الممتنة لابتهالاتهما صمام الأمان اليومي ..
كانت نافذتنا إلى العالم ترتكز إلى صندوق صغير في زاوية الغرفة تبث موجاته الكثير من المعرفة والقيم الوطنية،ذاك هو التلفاز!! و المشاعر والتهاني ترسل على هيئة صوت عبر اثير تملؤه المحبة والحياة يسمى المذياع!!
كان الطريق إلى المدرسة مزدحمًا برفقة دفاترنا وهي تتسابق نحو ذلك القلم الأحمر لتحظى بكلمة "ممتاز" بين صفحاتها تعبيرًا عن فرحتنا بإنجاز الواجب المطلوب!
كانت الشمس تداعب تماريننا الرياضية ونشيدنا الوطني،، والخشوع مسدلٌ على أكتافنا ونحن ننصت لآيات القران الكريم في الساحات!!
كان صوت الجرس إشارة الانطلاق نحو عوالم المعرفة والاكتشاف ، والمقاعد الخشبية مناصب علمية نقشنا عليها أحلامنا وذكرياتنا، وصوت المعلم ارتدادٌ لصوت الآباء والأمهات في الطاعة والاحترام،ونصيحته وسامٌ نصونه طيلة الايام والسنوات!
كانت للمعرفة رائحة لا نجدها سوى في صفحات الكتب والأقلام ، ولاستراحات الفسحة مساحات من السعادة والضحكات، ومقاسمة الأرغفة المحشوة بحنان الأمهات ميدان الإيثار و طعمه!
لم تكن الدراسة في تلك الايام مجرد وقتٍ نقضيه في المدارس، بل كانت حياةً كاملةً تنسج خيوط أحلامنا وترسم ملامح مستقبلنا تحت هيبة الطباشير البيضاء.. فليتهم عرفوا الطباشير البيضاء!!