تبدّدت الأوهام سريعاً, وليس ثمَّة حد أدنى من التفاؤل, في أن عهد ترمب سيختلف عن عهد الرئيس الصهوني/بايدن, الذي كرّر أول أمس, عند لقائه رئيس الكيان الفاشي العنصري/ إسحق هيرتزوغ, عبارته الشهيرة التي قالها (في شبابه وأثناء صعود نجمه السياسي) أمام اللوبي اليهودي الأقوى على الساحة الأميركية/«أيباك», قال بايدن: ليس مُهماً أن يكون المرء يهودياً كي يكون صهيونياً.. أنا ـ أضاف بايدن بحماسة استدعت تصفيقاً حاراً بالوقوف من جمهرة المُتصهينين واليهود.. أنا صهيوني.
ليس دعوة إلى التشاؤم, بل كبحاً لبعض التفاؤل ولو النسبي, عندما هلّل له البعض في المنطقة العربية وفي أوساط فلسطينية أيضاً, اتكاء على تصريحات ووعود «انتخابية», بذلها «المُرشح الرئاسي» في حينه دونالد ترمب, خاصة تلك التي جمعته بناخبين مُسلمين وعرباً.
دعونا والحال هذه وقد تكشفت «هويات» فريق ترمب السياسية والايديولوجية, حيث لم يتأخر الرجل في تسمية الفريق السياسي والأمني والعسكري, كما الإداري واللوجيستي الذي سيرافقه في ولايته الجديدة, بعد اعتماد الكونغرس بعض هذه الترشيحات. إذ هناك وظائف رفيعة لا تحتاج موافقة مسبقة من الكونغرس. ليس فقط استعانة ترمب بأغنى رجل في العالم/ايلون ماسك (إلى جانب رجل الأعمال/ فيفيك راماسوامي). لتسليمهما وزارة «الكفاءة الحكومية», بل خصوصاً في مَن أتى بهم ليشغلوا الوزارات, والأجهزة ذات الصلة المُباشرة بقضايا وملفات المنطقة العربية, ?على رأسها القضية الفلسطينية, عندما روَّج البعض في المنطقة, أن الرئيس السابق ترمب رقم «45», سيختلف عن الرئيس الحالي ترمب رقم «47».
كيف سيختلف ترمب صاحب صفقة القرن واتفاقات «إبراهام» التطبيعية, (التي لم تكتمل فصولها بعد), بعد أن جاء بثلّة من اليهود والمُتصهينين بل الكاهانيين إلى مواقع على صلة مُباشرة بالقضية الفلسطينية, وأولهم الكاهاني (نسبة إلى حركة إسرائيلية يمينية مُتطرفة أسَّسها الحاخام مائير كاهانا عام 1971 في إسرائيل. عُرفت بأفكارها العُنصرية ودعوتها لطرد الفلسطينيين من الأراضي المحتلة, وإيمانها بـ«أفضلية اليهود على غيرهم». ومن أبرز أعضائها وزير الأمن القومي الفاشي/إيتمار بن غفير، الذي انضم للحركة وهو في الـ«16» من عمره. إذ سعت ا?حركة إلى إقامة دولة يهودية خالصة على أرض فلسطين، وشكّلت مجموعات مُسلحة للاعتداء على القرى الفلسطينية وتخريب ممتلكات الفلسطينيين، كما تبنّت عمليات قتل بحقهم. وقد نجحت الحركة في الحصول على «مقعد» في كنيست العدو، مع وصول حزب الليكود اليميني بزعامة الإرهابي/مناحيم بيغن إلى السلطة في أيار/1977, وسيطرة الخطاب المُتطرف على الساحة السياسية. وتم حظرها من الكنيست وإدراجها ضمن «قوائم الإرهاب» عام 1994, وباتت الآن حزباً يحمل اسم «العظمة اليهودية» يرأسه بن غفير, الذي يُشارك في الإئتلاف الفاشي الحاكم برئاسة مُجرم الحرب/?تنياهو).
نقول: قصدنا قيام ترمب بتعيين الكاهاني/الإنجيلي المسيحي المُؤيد للصهيونية/مايك هاكابي سفيراً لواشنطن في تل أبيب, و«لا» يكفي أن يَصِفه ترمب نفسه بأنه/هاكابي: «يعشق إسرائيل وشعب إسرائيل، وشعب إسرائيل يُبادله العشق. سيعمل مايك ـ أضاف ترمب ـ بلا هوادة من أجل عودة السلام إلى الشرق الأوسط». إذ أن زعم ترمب أن هاكابي سيعمل من أجل عودة السلام إلى الشرق الأوسط, تفضحه أقوال هاكابي قبل وبعد أن كان حاكماً لولاية أركنسو. إذ لفت موقع أكسيوس الأميركي, إلى أن علاقة وثيقة تربط مايك هاكابي بنتنياهو. كما أعربَ هاكابي مِراراً و?كراراً عن دعمه للمستوطنين اليهود ودعمه فكرة ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية المُحتلة. أما في عام 2015، فقال هاكابي: إن إسرائيل لديها ارتباط تاريخي أقوى بالضفة الغربية من ارتباط الولايات المتحدة بمانهاتن. وفي عام 2019، أعربَ/هاكابي عن اعتقاده أن لـ«إسرائيل الحق في ضم أجزاء من الضفة الغربية». في حين قال هاكابي خلال حملته الرئاسية عام/2008، إنه «لا يُوجد حقًا (شيء) اسمه فلسطيني», بل جادلَ بأن الأرض التي ستقام عليها الدولة الفلسطينية «المستقبلية», يجب أن «تُؤخذ من الدول العربية الأخرى، وليس إسرائيل». إضافة ?لى ما يُعرَف عن هاكابي بأنه «الأشدّ حماساً في دعمه للمستوطنين» والأكثر استعداداً للاستنفار من أجل (دعم الجماعات اليهودية التي تُطالب بـ«تدمير الأقصى»).
ماذا عن سفيرة ترمب لدى الأمم المتحدة؟.
إنها النائبة الجمهورية عن نيويورك/إليز ستيفانيك, الصهيونية المُتحمّسة.. التي سارعتْ إلى قبول ترشيحها, والمعروفة بدعمها القوي للكيان العنصري الاستعماري. وكانت أثارت انتقادات مُتكررة ضد الأمم المتحدة, مُتهمة إياها بـ«مُعاداة السامية» بسبب مواقفها تجاه الصراع الفلسطيني/الصهيوني. إضافة إلى دعوتها في شهر تشرين الأول الماضي, إلى «إعادة تقييم كاملة» لتمويل الولايات المتحدة للأمم المتحدة, كذلك تأييدها لجهود منع تمويل (الأونروا)، بسبب تعاونها مع حركة «حماس».
ماذا عن مُرشح ترمب لقيادة «البنتاغون», وزميله الذي سيتولى الخارجية الأميركية؟.
.... للحديث صلة.
kharroub@jpf.com.jo