أثار خطاب ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله الثاني في قمة التغير المناخي التي أُقيمت في أذربيجان اهتمامًا كبيرًا، حيث قدّم رسالة قوية للعالم حول ضرورة حماية البيئة وأهمية السلام لتحقيق الاستدامة البيئية. كانت كلمته دعوة موحدة للاتحاد الدولي لمواجهة التغير المناخي، مع التأكيد على دور الأردن الفاعل في هذا المجال رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها.
رغم الظروف الصعبة التي يمر بها الأردن، من شح المياه وارتفاع درجات الحرارة، يُعتبر الأردن مثالًا يُحتذى به في التعامل مع التغيرات البيئية. تحدث الأمير الحسين عن مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي ساهمت بشكل كبير في تقليل الانبعاثات الكربونية. كما أشار إلى أهمية الزراعة المستدامة، التي تهدف إلى تعزيز استخدام الموارد الطبيعية بطرق ذكية وفعّالة، وهو ما يعكس التزام الأردن بمستقبل بيئي أكثر استدامة. تعتبر هذه الجهود خطوة هامة نحو تحقيق التوازن بين التنمية البيئية والاقتصادية، رغم التحديات التي تواجهها المملكة.
أثارت النقاط التي تناولها الأمير الحسين في كلمته الكثير من الاهتمام، وأبرزها العلاقة الواضحة بين السلام وحماية البيئة. فقد أكد أن النزاعات المسلحة لا تضر بالبشر فحسب، بل تتسبب أيضًا في تدمير البيئة وتفاقم الأزمات البيئية. الحرب على غزة، التي أشار إليها الأمير، ليست فقط صراعًا سياسيًا، بل كارثة بيئية متواصلة تؤثر بشكل سلبي على الأراضي الزراعية ومصادر المياه، مما يزيد من تعقيد الأوضاع البيئية في المنطقة. هذه النقطة تبرز أهمية إدراج السلام كشرط أساسي في معالجة قضايا المناخ، لأن السلام يساعد على تخصيص الموارد لمشاريع التنمية البيئية بدلاً من تحويلها إلى جهود الإغاثة الطارئة.
أشار الأمير الحسين أيضًا إلى مسؤولية الأردن في استضافة ملايين اللاجئين من سوريا وفلسطين والعراق. ورغم الموارد المحدودة التي يمتلكها الأردن، إلا أن المملكة تتحمل عبءًا كبيرًا من حيث توفير الخدمات للاجئين. هذا يزيد من الضغط على الموارد الطبيعية ويسهم في تفاقم الأزمات البيئية. دعا الأمير الحسين المجتمع الدولي إلى تكاتف الجهود لدعم الدول المضيفة للاجئين مثل الأردن، لتمكينها من مواصلة تقديم الدعم اللازم للاجئين، مع مراعاة الحفاظ على البيئة. فالتحديات البيئية والإنسانية متشابكة، ويجب معالجتها بالتوازي لتحقيق حلول مستدامة.
رغم التحديات، أشار الأمير الحسين إلى أن الأردن يقدم مثالًا على كيفية تحقيق الاستدامة البيئية حتى في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة. من خلال مشروعات الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة، أصبح الأردن نموذجًا للدول النامية في الالتزام بالمسار البيئي الصحيح. الأمير الحسين دعا الدول الكبرى إلى تقديم دعم حقيقي للدول النامية التي تعاني من آثار التغير المناخي والنزاعات، مشيرًا إلى أن التعاون الدولي هو الطريق الوحيد نحو عالم أكثر استدامة.
اختتم الأمير الحسين كلمته برسالة قوية مفادها أن الأمن البيئي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الأمن السياسي. في نظره، لا يمكن تحقيق الاستدامة البيئية إذا لم يكن هناك استقرار سياسي. فالتغير المناخي لا يتعلق فقط بالحفاظ على الموارد الطبيعية، بل هو أيضًا نتيجة لعدم الاستقرار الذي يعيق التقدم في مجال حماية البيئة. إن السلام السياسي هو الأساس الذي يمكن بناء عليه الحلول البيئية الفعّالة.
في النهاية، يجب أن تكون رسالة الأمير الحسين واضحة للجميع: التغير المناخي ليس تهديدًا بعيدًا بل هو واقع نعيشه اليوم. إن تحمّل المسؤولية الجماعية لمواجهة هذه الأزمة هو السبيل الوحيد لتحقيق مستقبل مستدام. التعاون بين الدول الكبرى والصغرى في مجال الطاقة المتجددة وحماية البيئة، وتقديم الدعم للدول المضيفة للاجئين، يجب أن يكون جزءًا من الحل. إن تحرك المجتمع الدولي بشكل جاد نحو هذا التعاون هو الطريق الوحيد لضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة.