لا أعرف لماذا بتنا ننتهج الهجوم كلما «أخطأ مسؤول» أو قصّر بعمله؛ مبررين ذلك بالمحاسبة والرقابة عليه فقط، بينما بالمقابل لا نعترف ولا نشيد بـ«المسؤول المجتهد» في حال انجز واجتهد بعمله مبررين ذلك أيضاً بأن هذا واجبه، لهذا دعوني اشيد بهذا «الوزير المميز» حتى لو اتهمت كما العادة بالتسحيج، فمن هو؟
في الواقع الحكم على أي مسؤول بالنجاح أو الفشل يعتمد على «عدة معايير» اهمها الانجاز وتحقيق كل ما هو مطلوب منه على اكمل وجه، ولهذا أجد أن «وزير الطاقة» المهندس صالح الخرابشة مميز جداً بملف الطاقة لعدة اسباب اولها انه رفض الاستسلام للاحباط والعقد المليئة في هذا القطاع، فعمل هو وفريقه على فكفكتها بطريقة مميزة صاحبها الاصرار والمثابرة لاعادة «الأمل المفقود» للاردنيين.
منذ سنوات كنا قد فقدنا الأمل في ايجاد الغاز والنفط والمعادن النفيسة كالنحاس والذهب وغيرها من المعادن ذات القيمة المضافة العالية لاي اقتصاد في العالم، وكنا نسمع عن دراسات وهمية وغير منطقية فقط من هذا الخبير وذاك المختص، إلى ان جاء هذا الوزير الذي اقنع الحكومة السابقة باننا قادرون على التنقيب وبخبرات اردنية متمثلة بشركة البترول الوطنية.
الحكومة آنذاك اقتنعت وقامت برفع موازنة ومخصصات «شركة البترول الوطنية» فبدأ العمل وبدأت النتائج الايجابية تتوالى لتركز عليها «رؤية التحديث الاقتصادي» مصحوبة بارادة ملكية وبتوجيهات للحكومة بضرورة التركيز على التنوع بـ"مصادر الطاقة» و"التنقيب عن المعادن» والتوجه للطاقة البديلة والصناعات التحويلية والهيدروجين الاخضر ورفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي ورفع قدرته على التشغيل وجذب الاستثمار.
الوزير الخرابشة يعمل على أكثر من اتجاه فهو من جهة يعمل على تنويع «مصادر الطاقة» بمختلف الاصناف منها من نفط وغاز ومواد اولية، ومن جهة اخرى يعمل على رفع قدرتنا الانتاجية من الطاقة البديلة حتى بتنا من اكثر الدول في المنطقة ريادة بانتاجها وبنسبة تصل الى 27% من اجمالي الطاقة المستخدمة، والتركيز على عمليات التنقيب عن المعادن فوقعت عشرات المذكرات والاتفاقيات.
وفي الوقت نفسه ما زالت الوزارة مصرّة على رفع قدرات انتاج «آبار الريشة» وصولاً للاكتفاء الذاتي من الغاز بالعام 2030، ومازال البحث جارياً عن اي امل بوجود كميات تجارية منها تشير الدراسات الأولية إلى وجودها وستعلن نتائجها قريباً، بالاضافة لفكفكة عقدة كلف الانتاج أمام المصانع بايصال الغاز اليها من خلال انابيب تصل للمناطق الصناعية، والتنقيب عن النفط مع وجود مؤشرات ايجابية لوجوده وجعل الاردن منتجا عالميا رئيسيا للهيدروجين الاخضر.
خلاصة القول؛ ملف الطاقة من «اكثر الملفات» التي شكلت لدينا طيلة السنوات الماضية عقدة بمختلف الصعد اقتصادياً واجتماعياً جراء ندرة تواجدها في المملكة، ولهذا اجد ان «فكفكة» هذه العقدة واعادة وضع المملكة على خارطة الدول المنتجة للطاقة أمر مميز ويستحق الثناء عليه سواء للحكومة أو للوزير ولكل فرد يساهم في فك عقدتها التاريخية وإعادة الامل المفقود.