أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات أحزاب رياضة وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

المومني يكتب: التحديث الاقتصادي وسيادة القانون


معاذ المومني
محام ومستشار قانوني

المومني يكتب: التحديث الاقتصادي وسيادة القانون

معاذ المومني
معاذ المومني
محام ومستشار قانوني
مدار الساعة ـ
تشكل عملية التحديث الاقتصادي ركيزة اساسية لتحقيق التنمية داخل المجتمع من خلال سعيها الى تجويد حياة المواطن و تحسين مستوى الخدمات المقدمة له الا ان الوصول الى هذا الهدف لا يمكن قراءته بمعزل عن قيمة و مبدأ اساسي من قيم حقوق الانسان الا و هو سيادة القانون. و هذا يقودنا بالضرورة لإيجاد بيئة حقوقية راسخة تدعم و تحمي المواطنين افرادا و جماعات اثناء عمليات التحديث و التحول الاقتصادي. فسيادة القانون ليست اطارا تنظيميا مجردا او منزوع الدسم بل يتعدى ذلك باعتباره عنصرا اساسيا لضمان بيئة امنة و مستقرة تمكن الاقتصاد من النهوض و تساهم في خلق فرص عمل و يحمي حقوق المواطنين و حرياتهم الاساسية المنصوص عليها في الدستور الاردني و الادبيات و المعايير الدولية لحقوق الانسان التي صادقت عليها الاردن. وهذا الارتباط بين التحديث الاقتصادي و سيادة القانون يعد جوهريا و مركزيا. و بالضرورة فان نجاح التحديث الاقتصادي يعتمد على متانة و تطبيق سيادة القانون و قيمه و مبادئه بفعالية و عدالة و بما ينعكس على حقوق الانسان و حرياته الاساسية.
منذ تكليف حكومة الدكتور جعفر حسان ونحن نتابع قرارات مجلس الوزراء فيما يتعلق بمنظومة التحديث الاقتصادي على مستويات عدة منها ما هو تنظيمي و منها ما هو تشريعي و نتابع سعي الحكومة لتوفير بيئة قانونية تضمن الحقوق والحريات الاقتصادية لتحفز المستثمرين و تعزز ثقتهم بضرورة الانخراط في عمليات التحديث الاقتصادي الا ان ذلك يتطلب ايضا مجموعة من المعايير التي لا بد ان تؤخذ بيعين الاعتبار في سياقات التحديث الاقتصادي وارتباطه المباشر بقيم و مبادئ سيادة القانون. فسيادة القانون تحتم ان تكون القوانين واضحة وعادلة وشفافة بالمضمون الشكلي والمعياري والتطبيقي و مرتبطة بالحقوق و الحريات العامة و مبادئ حقوق الانسان ، لتكون قادرة على تعزيز الثقة في النظام الاقتصادي ككل و تساهم في جذب الاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء و بما يسهم في تعزيز قيم النزاهة و مكافحة الفساد و يعزز من تكافؤ الفرص و يفتح الباب لأسواق تنافسية قائمة على الكفاءة و العدالة. وعليه فلا يمكن قراءة أي من المصطلحين (التحديث الاقتصادي و سيادة القانون) بمعزل عن الاخر باعتبار الترابط المحكم بينهما ، ففي الوقت الذي يمثل التحديث الاقتصادي جهوداً لتحسين الأداء الاقتصادي وزيادة الإنتاج من خلال تحسين البنى التحتية الاقتصادية و تعزيز الانتاجية و تشجيع الاستثمار و الابتكار و الاستثمار الرقمي، فان سيادة القانون تشكل ضرورة اجتماعية حقوقية قانونية واقتصادية من خلال وجود بنى تحتية تشريعية اقتصادية تحمي الحقوق و الحريات العامة و تضمن العدالة وتكافؤ الفرص و تعزز قيم المواطنة و تحمي الاستثمار و تسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي و تشارك في عملية التحديث السياسي كأحد اضلع المثلث الذهبي الذي تمضي به الاردن بخطى ثابتة.
وعلية و لنكون قادرين على المضي قدما في تنفيذ اهداف منظومة التحديث الاقتصادي بالتوازي مع منظومة سيادة القانون فلابد من تضمين الخطة التنفيذية لعملية التحديث الاقتصادي بمجموعة من الاهداف الحقوقية المرتبطة بالأدوار و المسؤوليات والجداول الزمنية و ذلك من خلال اصلاحات تشريعية تتبنى تهيئ بيئة أعمال جاذبة و اعادة النظر بالتشريعات الاجتماعية و التي يأتي على رأسها قانوني العمل و الضمان الاجتماعي والذي من شأنهما تحقيق المساوة و تكافؤ الفرص و تحسين بيئة العمل و تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة ويناء قدرات و مهارات الشباب بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل بما في ذلك فرص العمل الرقمية و ايجاد بيئات عمل آمنة لها. بالإضافة لذلك ولتعزيز قيم سيادة القانون فلا بد من اعادة النظر بتشريعات الملكية الفكرية و تطوير نصوص حوكمة الشركات الواردة في قانون الشركات و اعادة النظر بقانون ضريبة الدخل و الانظمة و التعليمات الملحقة به و تعزيز الشراكة بين القطاعين العام و الخاص و تحديدا في قطاعي النقل و الطاقة بالإضافة الى ضرورة اشراك مؤسسات المجتمع المدني في منظومة التحديث الاقتصادي باعتبارها –مؤسسات المجتمع المدني- ركيزة اساسية تنموية تقوم بأدوار محورية في تعزيز قيم العدالة و سيادة القانون و ذلك من خلال تعزيز الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني و تعديل التشريعات الوطنية بما يعزز ادوارها الحقوقية و التنموية و اشراكها في الخطط التنفيذية للتحديث الاقتصادي بحكم تماسها و قربها من المجتمعات المحلية و قدرتها على تحديد الاحتياجات التنموية وبما يسهم في خلق سياسات اقتصادية اجتماعية من شأنها تعزيز المنعة الاجتماعية و تعزز قيم العدالة و سيادة القانون و يشمل ذلك ضرورة العمل و بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني لتقديم تقرير الاردن للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية في الامم المتحدة و المضي قدما في دفع الجهود الوطنية الرامية لتعزيز الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و تعزيز قيم العدالة و سيادة القانون.
مدار الساعة ـ