مدار الساعة- يحاول الكثير من الشباب بأميركا تغيير الصورة الشائعة عن المسلمين، وتحويل العداء ضدهم، عبر مخاطبة المجتمع بالفن، في ظل هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتواصل عليهم ، ومن بين هؤلاء المخرجة الأردنية سماح صافي .
فمن خلال رواية القصص عبر الأفلام، تواجه صافي، هذا العداء والذي يعتبر مؤشراً سلبياً على مستقبل المسلمين بالولايات المتحدة، لتُظهرهم بصورتهم الحقيقية للعالم، وتقول إن "المسلمين ليسوا ملائكة وليسوا شياطين"؛ بل يبدون كما هم "ببشريتهم وخيرهم وبما فيهم من حسنات وأخطاء أيضاً" وفقا لحوارها مع موقع "الخليج أونلاين" .
وتحكي مشاهد مسلسل "Inspiriation" (مُلهم العالم)، بموسميه الأول والثاني، وهو من إخراج سماح صافي، وزوجها المخرج السوري محمد بايزيد، قصة شاب أميركي مسلم يعيش حياته بالولايات المتحدة ويواجه تحديات يومية بمحيطه من خلال الإلهام الذي يقتبسه من سيرة النبي محمد عليه السلام ومن خلال حبكات درامية منوعة في كل حلقة.
المسلسل بيّن للمسلمين الأميركيين صورة جديدة لتطبيق سيرة النبي محمد بالحياة، فالكثير من الشباب المسلم اليوم يحب النبي ويحترمه، ولكنه يعتقد أنه يعيش بعصرين مختلفين ولا يعرف كيف يجد الصلة بينهما، وقدَّم مسلسل "Inspiration" صورة مقربة بين العصرين، وفق صافي.
وعلى مستوى الجمهور الأوسع ممن ليسوا من المسلمين، استطاع المسلسل تغيير وجهات نظر الكثيرين حول الإسلام ، ليحصد بعدها ملايين المشاهدات بموسميه على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ تم عرضه على 22 قناة تليفزيونية حول العالم، وتُرجم من قِبل المعجبين إلى 16 لغة مختلفة، كما حاز جائزة الإبداع في دبي بالإمارات في شباط عام 2016.
وتؤمن المخرجة صافي بأهمية الإعلام والأفلام في إيصال الرسائل الإيجابية عبره، وتصحيح المفاهيم، وتكوين الصور عن الأشخاص والأشياء.
ووصل الأثر الكبير للمسلسل لإسلام العديد من الأميركيين، وأعلنت أميركية إسلامها بعد مشاهدتها المسلسل، ونشرت مقطع فيديو تحدثت فيه عن أثر المسلسل عليها.
وبالإضافة إلى تصويرها "مُلهم العالم"، صورت المخرجة صافي والمخرج بايزيد، الإعلان التوعوي "إسلاموفوبين"، وهو عبارة عن حملة توعية عامة ساخرة، لتحدي كراهية الإسلام المتزايدة في أميركا.
وفي ظل الأوضاع الراهنة بأميركا، بعد تولّي ترامب، وقراره بحظر السفر المؤقت لرعايا 7 دول إسلامية وعربية، ومنعه دخول اللاجئين السوريين للبلاد، وعدائه للمسلمين بخطاباته العنصرية، أكدت المخرجة ضرورة التماسك بالمجتمع الإسلامي عامة ، بالإضافة إلى تأكيدها "التكاتف مع المسلمين بالمجتمع الأميركي، خاصة الذين أظهروا لنا الحب والدعم في محنة ما بعد ترامب، كما تبرعوا للمؤسسات الحقوقية غير الربحية التي تدافع عن حقوق المسلمين بكل قوتها، ومنها (CAIR) و(ACLU)".
وتواصل صافي مسيرتها، بعملها على نشر صورة الإسلام الحقيقية، بتصوير إعلانين توعويين حول الإسلام، بالإضافة إلى تصوير الموسم الثالث من مسلسل "مُلهم العالم".
وتقول المخرجة إن "الظروف الحالية وعداء ترامب العلني للمسلمين أخرج أجمل ما في الجيدين من هذا الشعب وأسوأ ما في السيئين أيضاً، سمعت تعليقات عنصرية سيئة من البعض مؤخراً وسمعت تعليقات لطيفة وجميلة من الأكثر".
وبالنسبة لمعاملة الشعوب والمسلمين في المطارات بعد قانون حظر المسلمين من دخول أميركا، فالكثير منهم احتُجزوا، ومنهم من تتم إعادتهم بعد استجوابهم من حيث أتوا، علماً بأن الجميع بفيزات ووضع إقامة قانوني. وأضافت أن "المحامين والمؤسسات الحقوقية رفعت قضايا ضد ترامب؛ لأن قراره يخالف الدستور الأميركي، ولا ترال الأمور غير واضحة".
أما من الناحية المشرقة، فتتابع المخرجة: "المسيرة التاريخية التي شاركت فيها مع الكثيرين في شهر كانون الثاني الماضي (Womens March On Washington)، وتعد أكبر مسيرة في تاريخ الولايات المتحدة، شهدت فيها الكثير من الحب والود والدعم الكبير".
وتضيف: "وُجِّهت لي كلمات مثل: (هذه بلدك كما هي بلدنا)، (ليس أجمل من مسلمة بحجاب وترتدي ألواناً زاهية)، أو حتى عناق عاطفي من الكثيرات كنوع من الدعم".
وتابعت: "صنع ترامب ما عجزنا جميعاً عن فعله كمجتمع مسلم في أميركا خلال السنوات الكثيرة الماضية؛ إذ أدت أفعاله إلى (Humanizing Muslims) أنسنة المسلمين، ورغم غرابة الكلمة وقد تكون غير مألوفة أبداً للقارئ العربي، فإنه أحد الأهداف الأساسية التي كنا نسعى للوصول إليها بشكل فردي ومؤسساتي وإعلامي أيضاً"، بحسب المخرجة.
وتصف صافي ، ما حصل في مطارات أميركا، بعد بدء تطبيق قرار الحظر؛ إذ خرج العديد من المتظاهرين للمطارات، احتجاجاً على القرار، وتقول صافي في المطارات: "الكثير من أفراد المجتمع يقفون صفاً بصف مع المسلمين، ولأول مرة يُصلي المسلمون بأريحية في المطارات والمتظاهرون يحيطونهم دفاعاً عنهم بكل حب".
وتضيف: "مشاهد الأخوة والمحبة لم نشهدها من قبل، الآن الناس ترى المسلم إنساناً بالدرجة الأولى، جاراً وصديقاً وأباً وطالبةً وموظفاً، فرداً من نسيج هذا المجتمع الذي يحاول ترامب تمزيقه".
فالآن، وفق صافي، "المواجهة لدينا مع أجندة الرئاسة الجديدة والقوانين العنصرية ومواجهتها بالصمود والمقاومة السلمية وبالقانون".
وتوجّه المخرجة صافي للإعلام العربي العديد من الرسائل؛ أهمها أن "الإعلام عليه أن يواصل نقل الصورة للمجتمع العربي، مع التفريق الواضح ما بين أميركا كسياسة وأميركا كشعب، بمن فيهم من لم يؤيدوا ترامب أو يصوتو له ووقفوا معنا لمواجهته؛ إذ لا يمكن مساواتهم أو نشر الكراهية بشكل غير مقصود أو ضمني تجاههم".
وتوضح أن "ما يفعله ترامب يتوقع من أن يزيد من التطور للأسف، ونريد من الإعلام العربي ألا يسهم بشكل غير مقصود في التحريض تجاه هذا".
ومن جهة أخرى، ترى المخرجة أن "على الإعلام الغربي أيضاً، حثَّ الدول العربية، شعوباً وقيادات، على التنديد بهذا القرار بدلاً من السكوت، فاليوم هي سبع دول، غداً قد تصل لدول العالم العربي كله، فلا أحد محصن، ومن الأفضل التحرك".
وتؤكد المخرجة الأردنية سماح صافي أن أهم ما نحتاجه أن نبقى صامدين ونقاوم، الآن.