أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

اتفقت مع مدير بنك القاهرة عمان كمال البكري


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

اتفقت مع مدير بنك القاهرة عمان كمال البكري

مدار الساعة (الرأي) ـ
..حين تنتهي الحرب، سأذهب للاستثمار في غزة، لقد اتفقت مع مدير بنك القاهرة عمان السيد كمال البكري على تمويل استثماراتي في غزة.. ونحن الآن في طور توقيع الاتفاقية.
استثماري سيكون عبارة عن (دكانة)، وسأبيع فيها (بالمفرق).. كل الأشياء التي يحبها الأطفال: (علكة، أسكيمو، دروبس، شعر البنات، قرشلة).. للعلم السيد البكري اعترض على (شعر البنات).. وقال إنه قد لايكون مستساغا، فقرأت عليه بيتا لعبدالرزاق عبدالواحد يقول فيه: (قد يأكلون لفرط الجوع أنفسهم.. لكنهم من قدور الغير ما أكلوا).. عبدالرزاق كأنه استشرف ما سيحدث في غزة وكتب هذا البيت.
سأبيع أيضا: (ملبس، فستق، بوشار، لهايات، كراسي سامبا) للعلم الكراسي لا تأكل سابيعها بالمجان للأطفال هناك حين يحضرون حتى يكرموني بشرف مسح أحذيتهم المغبرة، وأقسم أن مسح مخاط طفل منهم أو مسح حذائه.. في درجات الكرامة عندي أعلى من الحصول على شهادة دكتوراة في الطب من هارفرد.
اتفقت مع البنك أن يكون البيع بالمجان، مع كل قطعة شوكولاته سيكون الثمن قبلة على الخد أو الكف، ومع كل علبة بوظة.. سنمسح له الحذاء مجانا..
أصلا أنا أؤسس استثمارا في الصبر، في معاني الحياة، في المبادئ، في الكرامة والدين.. وهذا أعلى من الاستثمار في المال..
ربما سألتقط صورة مع كل طفل يأتيني، فقد نسينا قبل أكثر من (50) عاما أن نلتقط بعض الصور مع دلال المغربي، قائدة عملية الشاطئ حين كانت طفلة.. والتي مرغت وجه إسرائيل في التراب، استشهدت دلال.. وكل الصور التي ظهرت لها كانت شحيحة جدا، للأسف..
هذه المرة سأتذكرهم بالاسم، بالصوت بالزاوية التي يسكن فيها أطراف مخيم (جباليا).. سأتذكرهم بلون العيون، بحجم الإصابات.. إسرائيل لا تدري أنها دربت جيلا جديدا وأنها مهدت الحاضنة لقادة جدد، أطفال غزة حصلوا على دورات متقدمة في النزوح.. في حين أن الأطفال في إسرائيل حصلوا على دورات البكاء في الملاجئ، أطفال غزة حصلوا أيضا على شهادات دكتوراة في الصبر والجوع.. واختلطت لقمتهم برمل الأرض، في حين أن أطفال إسرائيل وزعوا عليهم كل شيء بالمجان، حتى المدارس وضعوا لهم موسيقى فيها كي لا يسمعوا صوت صفارات الإنذار.
أطفال غزة أيضا اجتازوا كل مراحل البارود، ناموا على صوت قذائف الدبابات.. جربوا القذائف التي ترمى من الجو، جربوا الفسفور.. أي طفل في غزة الآن لو سألته عن الانفجار سيحدد لك مكانه، وسيحدد لك نوع القذيفة.. وسيحدد لك أيضا قوة تفجيرها.. في حين أن الأطباء في مستشفى (هداسا) قرروا الرحيل لبريطانيا.. لأن (راشيل) ابنة أحد الجراحين صارت تصاب بنوبات هلع حين تطلق صفارات الإنذار..
إسرائيل شنت حرب إبادة، لكنها لا تعرف القادم.. القادم سيكون مدويا، لقد زرعت في قلب كل طفل حب الشهادة وحب الثأر، هؤلاء شاهدوا الموت في اليوم الواحد ألف مرة.. هل ستخيفهم دباباتها، هؤلاء جربوا الجوع جربوا المسير حفاة، جربوا فقدان الأب والأم.. شاهدوا بأم أعينهم عمليات الدفن والأشلاء، تأكدوا أنهم حين يكبرون.. لن يذهبوا بعيدا للبحث عن لقمة الخبز، بل سيعيدون ترميم جذورهم في غزة، وبدلا من إعادة ترميم شارع صلاح الدين سيرممون اليد اليمنى في كف كل واحد منهم كي تأخذ الثأر..
أريد أن أستثمر في غزة، أريد أن أبني دكانة صغيرة..
على الأقل حين يكبر هؤلاء الأطفال ويعيدون صياغة المعركة، وصياغة التاريخ.. سأقول عن قائد منهم.. أني مسحت وجهه بكفي، وبعته العلكة بالمجان.. وتشرفت بمسح الرمل عن حذائه.
Abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة (الرأي) ـ