خيراً فعل منتدى الاستراتيجيات الأردني بتسليط الضوء في «ورقة سياسات» على الحد الأدنى للأجور الذي أكدت الحكومة، على لسان وزير العمل الدكتور خالد البكار، التزامها بمراجعته بالتعاون والتنسيق مع كل الشركاء واصحاب المصلحة المعنيين.
تناولت الورقة واقع الحال وتضمنت جهدا بحثيا مهما لزوايا، من المهم التفكير فيها، عند النظر في رفع الأجور، وتأثير ذلك ليس فقط على أطراف العمل؛ العامل وصاحب العمل والضمان الاجتماعي، بل أيضا تأثير مثل هذه الزيادة على النشاط الاقتصادي بشكل عام.
عدد العاملين بأجر يقل عن 300 دينار شهريا، حوالي 411 ألف عامل، حسب الورقة، لكن عدد الذين يعملون بالحد الأدني أقل من ذلك بكثير، حيث أن كثيرا من العاملين تكون رواتبهم مسجلة بالضمان الاجتماعي عند الحد الأدني للاجور، لكن قد تقل في بعض القطاعات أو تزيد في قطاعات أخرى عن هذا الحد. هؤلاء سيستفيدون من رفع الحد الأدني، إذ يتطلب الأمر دفع راتب العامل الذي يقع بين 260 ديناراً (الحد الأدني الحالي) و300 دينار إلى الأعلى لتحقيق العدالة بين العاملين.
الحوار الذي ستديره الحكومة مع أطراف العمل مهم جدا لجهة تفهم ضرورات هذا القرار وابعاده على الاقتصاد الوطني من ناحية، وعلى اقتصاد الأسرة من ناحية أخرى، وانعكاسات ذلك على النشاط الاقتصادي المصاحب لزيادة القدرة الشرائية لنحو 30 بالمئة من القوى العاملة في المملكة.
القطاع الخاص ينظر إلى هذه الزيادة على أنها تحدٍ، لأنها سترفع قيمة مساهمة صاحب العمل في اقتطاعات الضمان الاجتماعي وأيضا زيادة المساهمة في التأمين الصحي الذي يتم احتسابه كنسبة من قيمة الراتب الخاضع للضمان. وهي النقطة التي كانت ترد باستمرار في تقارير صندوق النقد الدولي بالدعوة إلى «تعزيز سهولة ممارسة الأعمال وتقليل تكلفتها»، فكيف سيتم التوفيق بين رغبة العاملين برفع الحد الأدنى للأجور، والمتوقع أن لا يقل عن 10- 15%، حسب المنتدى، ورغبة القطاع الخاص بتقليل تكلفة العمل لضمان المنافسة العادلة في الأسواق التصديرية؟
معادلة ليست بالهينة وتحتاج حواراً معمقاً مع القطاع الخاص للوصول إلى نسبة زيادة تلبي طموحات العاملين، وتحدث الأثر الملموس اجتماعيا على اصحاب الدخول المتدنية، ولا ترفع تكلفة العمل والإنتاج وبالتالي التأثير على تنافسية المنتجات الخدمية والسلعية الأردنية.