التفكير الإسرائيلي لإنهاء ملفي غزة وحزب الله سقفه «تحسين شروط الهزيمة» لاطراف الملفين وقد يساعده على هذا التفكير تخلي ايران عن حماس وحزب الله.
ولأن نتنياهو ليس مضطراً لوقف العدوان سريعاً فانه سيبقي على استخدام القوة العسكرية لتحقيق أهدافه لعله يقنع الآخرين ان تحسين شروط الهزيمة أقصى ما يمكنهم الوصول اليه.
هذا التفكير الاسرائيلي يعززه تحرر نتنياهو وحكومته من اي ضغوط خارجية او داخلية تجبره على وقف العدوان، فالوقت ليس عاملاً ضاغطاً على اسرائيل، وجيش الاحتلال يعمل في مدى زمني غير محدد بل ان إطالة وقت الحرب مطلوبة من نتنياهو الذي يريد أن يسجل لنفسه انجازا يتجاوز حرب عام ١٩٦٧ بتحطيم البنية العسكرية لحماس والجهاد وحزب الله وتغيير معادلة القوى في المنطقة واعادة ترتيب الجغرافيا الساخنة حول اسرائيل.
ربما نحن العرب والمسلمين لا نحب المشهد السياسي والعسكري نتيجة العدوان الاسرائيلي لكن نتنياهو لم يدخل قبل عام في حرب عسكرية فقط بل دخل لتنفيذ مشروع سياسي جوهره تفتيت القضية الفلسطينية وتغيير وجه غزة السياسي والعسكري والسكاني، وهو مشروع يحظى بدعم مطلق من الولايات المتحدة وبدعم مع خلاف على مآلات المشروع وشكل الحل مع دول عربية مهمة، وحتى ما يجري في لبنان فانه مشروع مطلوب من دول غربية فيما يتعلق بإخراج حزب الله من المعادلة العسكرية للاقليم ومحاولة اعادة لبنان الى دولة محاصصة سياسية دون ادوات عسكرية.
وما ساعد اسرائيل في الذهاب بعيدا في عدوانها ومشروعها السياسي ان الدعم الاميركي وشبكة الامان التي تحظى بها من واشنطن واوروبا جعل مفتاح وقف العدوان العسكري بيد اسرائيل واميركا فقط. كما كان لادارة ايران للمرحلة دور مهم في ازالة اي ضغط من المحور الايراني؛ فايران لم تجعل من غزة ولا لبنان معركتها وحتى المساندة من حزب الله والحوثي وغيرهما تحولت الى عبء على المساندين فحزب الله عندما تحول إلى هدف مباشر لحرب تدمير لقدراته من اسرائيل كما يجري الآن تحمل وحده الثمن وما تفعله ايران ليس اكثر من محاولة الحفاظ على ما بقي من نفوذها في لبنان والاقليم، فايران لم تخض حرب حماس والجهاد ولا حرب ابنها المدلل حزب الله.
المشهد اليوم ان على حماس ان تواجه وحدها تبعات وثمن العدوان على غزة وان لا تنتظر حتى المساندة من ايران وما بقي من اتباعها، وحزب الله عليه ان يدفع ثمن اعتقاده انه رأس حربة لايران؛ فايران لن ترمي نفسها في نار الحرب لأجل فلسطين ولا حماس ولا من أجل حزب الله ولا الحوثي وميليشيات العراق لاحقا.
اسرائيل تدرك هذه المعادلة ولديها فائض من الوقت والدعم اللامحدود من أميركا ايا كان رئيسها القادم ولهذا فان افضل ما يمكن ان تقدمه لاعدائها وفق منطق نتنياهو تحسين شروط الهزيمة او حرب طويلة الامد عسكريا او الإهمال وترك غزة بلا خيارات للمستقبل ولبنان للذهاب إلى المجهول السياسي والاقتصادي مع عمل على الارض في غزة ولبنان يخدم الفكر الامني والعسكري الاسرائيلي.