مدار الساعة - احمد خليل القرعان - ابو فيصل هو الانسان المتواضع، وشيخ كابر عن كابر بلغ السماء بجده وجدوده، حليم على اهله وناسه، فليس كل من مسك الرسن فارساً، ولا كل من اشهر سيفه ولوح به بحارس.
ابو فيصل رجل يكرم جاره ولو جار،عزيز على نفسه لا يقبل الذل والعار، شريف على نفسه ولكنه غير قاس على احد، يتجلى بمواقفه في عيون الجميع، ويتكحل بحكمته كل الاردنيين الذي نصوه، يحمل في قلبه روح الشباب، وفي مواقفه حكمة الشيوخ.
ابو فيصل يمتلك شهامة السادة في أصله، واخلاق الفرسان في فعله، ففي كل موقف ومجلس له تجد خير الافعال مربوطة في حبله، فيحتار الجهلاء بمواقفه، فكان كلامه مرّاً على من يخالف العادات والتقاليد، وبلسماً على الغانمين من اهله وناسه.
ابو فيصل شيخ متمرد على الباطل أيا كان موطنه، فمواقفه ما خضعت يوماً لرغبة، ولا جيّر النار على قرصه،لم ينتهك لله حرمة، ولا شق للناس ثوبا ،فأصبح للجاهات والعطوات الثقيلة كالرحى بين العشائر والقبائل.
ابو فيصل ورث الأمجاد خلفاً عن سلف، ووقف دونها يحميها، ويحمي من يلوذ بها من المظلومين والمستجيرين،ففيه من الأمجاد ما يجعله أصلب من أن يلين.
ابو فيصل في كل عطوة وجاهة ومجلس تراه قائداً محنكاً يصنع من الحدث موقفاً، ومن الموقف عبرة، ومن العبرة تلين له قلوب الرجال حتى ولو كانت قاسية كالصوان، ففي كل موقف له يرتفع به من حضيض الأنانية إلى سمو القيم النبيلة فأصبح للناس بالحق كبيضة القبان، فاستحق ثقة الملك ليكون عيناً من عيونه على الوطن.