صدرت الإرادة الملكية السامية يوم الخميس 24 تشرين الأول 2024 بتعيين أعضاء ورئيس مجلس الأعيان الجديد. هذا المجلس المعروف لدى العديد من الأردنيين بأنه "مجلس الملك" يمارس صلاحيات رقابية سياسية ومالية على الحكومة. ويتألف مجلس الأعيان (بما فيه الرئيس) من عدد أعضاء لا يتجاوز نصف عدد مجلس النواب كما تنص المادة 63 من الدستور. يتم اختيار وتعيين أعضاء مجلس الأعيان بإرادة ملكية، استناداً إلى الدستور الأردني الذي ينص على "الملك يعين أعضاء مجلس الاعيان ويعين من بينهم رئيس مجلس الاعيان ويقبل استقالتهم".
لقد تميز هذا المجلس الجديد بدخول 41 عضواً جديداً بما يشكل 59% من أعضاء المجلس، منهم 31 عضواً (ما يقارب 45% من الأعضاء) يدخلون المجلس لأول مرة. هذا المزيج من الأعضاء المخضرمين والوجوه الجديدة يخلق توازناً بين استمرارية الخبرة وإدخال أفكار جديدة، بما يعزز استقرار العمل التشريعي ويثريه بتوجهات مبتكرة.
يجمع هذا المجلس بين شخصيات ذات خلفيات وخبرات متنوعة تشمل السياسة، والاقتصاد، والهندسة، والقانون، وغيرها، الأمر الذي من شأنه تعزيز أداء المجلس بالكفاءات المطلوبة ليشكلوا قيمة مضافة لها في عملها. لقد اتسمت التشكيلة الجديدة بالحفاظ على التوازن الجغرافي والاجتماعي وذلك كونها تضمنت عدداً كبيراً من الشخصيات التي تحظى بالاحترام والقبول المجتمعي، سواء من الشخصيات العامة التي خدمت في شتى المواقع بأمانة وإخلاص وتركت بصمة واضحة فيها، أو الوجهاء والشيوخ، أو من القطاع الخاص، وبما يراعي تمثيل جميع أطياف ومكونات المجتمع الأردني.
ولم تغفل التشكيلة الجديدة من تعزيز الدعم للمرأة الأردنية، حيث تم الحفاظ على نسبتها السابقة وبما يعادل 14% تقريباً من الأعضاء، وذلك تماشياً مع نهج الدولة بتمكين المرأة في مختلف المواقع القيادية. ويُذكر أن أول مشاركة للمرأة الأردنية في مجلس الأعيان كانت في عضوية مجلس الأعيان السادس عشر الذي تشكل في 23 نوفيمبر 1989.
ومن أهم ما يميز مجلس الأعيان أنه يقوم بالإطلاع على هموم وقضايا المواطنين الخاصة والعامة، حيث أنه يحق لكل أردني أن يرفع إلى المجلس شكوى فيما ينويه من أمور شخصية. ولكن للمجلس عدة وظائف حساسة وجوهرية وتتمحور بما يلي:
(1) الوظيفة التشريعية:
إقتراح مشاريع القوانين، مناقشة مشاريع القوانين، إقرار مشاريع القوانين.
(2) الوظيفة الرقابية:
الرقابة السياسية، الرقابة المالية، الرقابة الدستورية.
ومن مُنطلق تلك المهام الحساسة والجوهرية تُراعى توازنات مدروسة بدقة عند اختيار الأعيان من قِبل جلالة الملك. من المؤكد أن هنالك كثيرين من أبناء الوطن الخيرين الطامحين لأن يقدموا ما لديهم من خبرات ومعرفة لخدمة الوطن، لكن العدد المحدد بموجب الدستور هو (69 شخصية) وهذا العدد يحصر عملية الاختيار. ولكن من المعروف أنه كل من يتم اختيارهم هم شخصيات ذو خبرة وكفاءة، وقادرون على القيام بمهامهم بما يصب في مصلحة الوطن والمواطن.
بطبيعة الحال لدى المواطن الأردني حرية إبداء الرأي بأي عضو ضمن حدود القانون وتبادل وجهات النظر بهذا الشأن شيء محمود، على ألاّ يصل الأمر لمستوى التقليل من قدرة الغير. هذا المجلس متنوع بين رجالات ونساء الدولة والخبراء والمختصين في مختلف الحقول والقطاعات السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية والصحية والإعلامية والخلفيات العسكرية بما يوائم عمل المجلس في التشريع والرقابة.
يُعدّ المجلس بيت الخبرة وله دور كبير في تطوير العملية الديمقراطية في الأردن. وكما ذكرنا في البداية فقد اعتاد الأردنيين على تسميته بـ "مجلس الملك" بناءً على طبيعته وآلية تشكيله التي تتم بالتعيين مباشرة من جلالة الملك وكونه بيت الحكمة ومجلس الخبرة. حيث يلعب دوراً كبيراً على صعيد المُساءلة السياسية ويعتبر من القوى التي تُشكل رواشد وضوابط للسلطة التنفيذية.
إن أعضاء المجلس الجديد هم من سيعطون المجلس حيويته حيث أن هذا المجلس يختلف من تركيب المجالس السابقة كونه تضمن تمثيلاً واسعاً لجميع الأطياف واكتسب بذلك حيوية كبيرة، ومن الملاحظ أيضاً أنه جاء مزوداً بالكفاءات القانونية، لأن العملية الأساسية في مجلس الأعيان هي عملية تشريعية وهو المصفاة الحقيقية التي تكسب مشاريع التشريعات والقوانين، وهذا يتطلب خبرات قانونية كبيرة.
ختاماً إن ثقة المواطن في المجلس مهمة جداً، ويلعب الأعضاء دوراً في تعزيز هذه الثقة ولذلك يجب أن يعمل المجلس بسرعة وبجدية ليس فقط في الأمور السياسية لكن أيضاً في مواجهة التحديات الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين. فمجلس الأعيان هو الغرفة العليا في البرلمان الأردني. ويتمثل دوره في تقديم المشورة والتشاور مع مجلس النواب بشأن التشريعات والمسائل الأخرى. ويلعب أيضاً دوراً في مراجعة وإقرار مشاريع القوانين التي يقرها مجلس النواب قبل عرضها على جلالة الملك للموافقة الملكية عليها وتصبح قانوناً. بالإضافة إلى ذلك، يتولى مجلس الأعيان مسؤولية المراقبة على تنفيذ خطط التنمية السياسية والاقتصادية.