استشهاد القادة يعتبر دائمًا لحظة فارقة في تاريخ الحركات التحررية، فهو يثير تساؤلات حول مستقبل تلك الحركات وتأثير استشهاد القادة على مسيرتها. وفي حالة استشهاد يحيى السنوار ،القيادي البارز في حركة حماس ،يصبح السؤال "ماذا بعد الشهيد السنوار؟" محوريًا بالنظر إلى الدور الهام الذي لعبه في قيادة الحركة وتوجيه استراتيجيات المقاومة.
يحيى السنوار، الذي يعتبر من أبرز قادة حماس، يتمتع بتاريخ طويل من النضال والمقاومة. هو أحد مؤسسي كتائب عز الدين القسام،الجناح العسكري لحركة حماس، وكان معروفًا بثباته وإصراره على مواصلة طريق المقاومة. قاد السنوار حماس في غزة خلال فترة حساسة من الصراع مع إسرائيل، وكان يتمتع بقدرة كبيرة على التحرك في المشهد السياسي والعسكري رغم التحديات.
السنوار لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان لديه نظرة سياسية عميقة وقدرة على إدارة التوازنات الداخلية والخارجية للحركة. خلال فترة قيادته، عزز تحالفات حماس الإقليمية ونجح في تحويل غزة إلى رمز للمقاومة والصمود.
إن استشهاد قائد بحجم يحيى السنوار يثير تساؤلات عدة حول تأثير هذا الحدث على حركة حماس وعلى مستقبل المقاومة الفلسطينية بشكل عام.
فرحيل السنوار قد يُحدث فراغًا قياديًا في حماس، نظرًا لوزنه السياسي والعسكري الكبير. ومع ذلك، تُعد حماس من الحركات التي لديها هيكلية تنظيمية قوية، وهي معتادة على التعامل مع مثل هذه الأحداث. فالحركة على مدار تاريخها فقدت العديد من قادتها البارزين، مثل أحمد ياسين و عبد العزيز الرنتيسي ،لكنها استمرت في المقاومة وأظهرت قدرة على إعادة تنظيم صفوفها.
في مثل هذه الحالات، عادةً ما تشهد الحركة انتقالًا سلسا للقيادة، حيث يأتي قادة آخرون لملء الفراغ. من المتوقع أن يتقدم قادة آخرون في حماس، مثل محمد الضيف أو قادة سياسيين آخرين، لقيادة الحركة بعد استشهاد السنوار.
والحقيقة انه عرف السنوار بنهجه الحازم في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة في ما يتعلق بالتصعيد العسكري والدفاع عن غزة. حيث أن استشهاده قد يدفع الحركة إلى إعادة تقييم استراتيجيتها العسكرية وقد يؤدي إلى تصعيد مؤقت كجزء من الرد على اغتياله.
إسرائيل تدرك أن استهداف القادة البارزين قد يؤدي إلى ردود فعل قوية، وقد تكون هناك توقعات بتصعيد عسكري من قبل حماس كرد فعل على استشهاد السنوار. من الممكن أن يؤدي هذا إلى موجة جديدة من التصعيد بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، خاصة إذا حاولت إسرائيل استغلال هذا الحدث لفرض شروط جديدة أو تحسين موقعها التفاوضي.
فعلى الصعيد السياسي، نجد أن استشهاد السنوار قد يدفع حماس إلى تبني مواقف أكثر تشددًا لفترة من الوقت، حيث يعتبر استشهاد القادة مناسبة لتأكيد المبادئ الأساسية للمقاومة. ومع ذلك، قد تحافظ الحركة على نهجها السياسي المستقل، الذي سعى السنوار خلال فترة قيادته إلى تطويره من خلال بناء علاقات إقليمية قوية، خاصة مع إيران وحزب الله وبعض الدول العربية.
قد تواصل الحركة هذا النهج السياسي مع تكييفه بناءً على الظروف الجديدة. وقد يكون هناك تغيير في كيفية تعاطي الحركة مع الوضع الفلسطيني الداخلي، وخاصة في العلاقة مع السلطة الفلسطينيةوحركة فتح.
ولا شك في أن استشهاد القادة عادة ما يعزز من روح المقاومة لدى الشعب، ويصبح مصدر إلهام للعديد من الشباب الذين يتطلعون إلى مواصلة طريق الشهداء. ففي حالة استشهاد السنوار، شهدنا تصاعدًا في الدعم الشعبي لحماس وللعمل المقاوم، ليس فقط في غزة، بل في كافة المناطق الفلسطينية.
إن رحيل يحيى السنوار، سيجعل حركة حماس تواجه تحديات كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي. داخليًا، يجب عليها الحفاظ على تماسك صفوفها وتجنب أي انقسامات قد تنتج عن غياب قائد بحجم السنوار. خارجيًا، ستحتاج الحركة إلى مواصلة التعامل مع التحديات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الضغوط المتزايدة من إسرائيل وحلفائها.
ومن المهم أن تواصل الحركة العمل على تعزيز استراتيجيات المقاومة، سواء على المستوى العسكري أو السياسي، مع الحفاظ على الدعم الشعبي الكبير الذي اكتسبته بفضل قياداتها وشهدائها.
والحقيقة إن استشهاد السنوار يشكل لحظة هامة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، ولكنه لن يكون النهاية. فحماس، كحركة، أثبتت مرارًا قدرتها على الاستمرار والصمود رغم استهداف قادتها. ربما يشكل هذا الحدث فرصة للحركة لإعادة ترتيب أوراقها ومراجعة استراتيجياتها، ولكن من المؤكد أن روح المقاومة التي جسدها السنوار ستبقى حاضرة في عقول وقلوب الفلسطينيين، وستكون دافعًا لمواصلة النضال حتى تحقيق الحرية والكرامة.
واخيرًا اختم بالقول ان الاجابة على التسائل عنوان مقالنا يكمن في استمرارية الطريق الذي سارت عليه المقاومة حتى التحرير، والبقاء صامدين في وجه كل محاولات كسر إرادة الشعب الفلسطيني.
والله من وراء القصد.