بعض الذين يقفون دائماً على يسار الدولة الأردنية، من أفراد وتنظيمات، ليصنفوا أنفسهم بانهم معارضة، يفهمون المعارضة على أنها مهنة لا برنامج عمل بديل أو مساند.
هذا الصنف من (المعارضين)، يعتقد أن مهمته الأساسية توريط الدولة الأردنية، عن قصد أو عن غير قصد، وبصرف النظر عن نتائج هذا التوريط على الوطن، أمنه واستقراره.
ويعتقدون أن (المعارضة) تعني الجمود، فلا تتغير مواقفهم حتى في القضايا التي تتلاقى فيها هذه المواقف مع موقف الدولة الأردنية. وهؤلاء يريدون تفصيل الدولة الأردنية على مقاسهم، دون النظر إلى سائر مكوناتها الاخرى وتوجهات هذه المكونات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومصالحها. وهو مفهوم متناقض مع مفهوم (المعارضة) الصحية، كما هي في النظريات السياسية، وتجارب الديمقراطية الناجحة، التي تقوم على تنافس البرامج، التي عندما تلتقي تصبح المعارضة عوناً للدولة في تنفيذ هذه البرامج.
أكثر من ذلك فأنه عندما تتعرض الدولة للخطر تلتحم المعارضة مع الدولة لدفع الخطر، ولا تستغله لتحريض المواطنين على دولتهم، كما يفعل بعض الذين يصنفون أنفسهم (معارضة) في بلدنا.
ليس هذا هو التناقض الوحيد الذي يمارسه هؤلاء (المعارضون)، فكثيرة تناقضات هؤلاء. من ذلك أنهم عندما يقال لهم: لماذا لم تساهموا في جهد وطني وقومي (ما)؟، يقولون أن إمكانيات "التنظيم" لا تسمح بذلك، وهي ذريعة يسقطونها عندما يتعلق الأمر بالدولة الأردنية، ويصرون على تحميلها فوق كل ما لا تطيق، مما هو أضعاف إمكانياتها؛ وإلا اتهموها بالتقصير!.
وهذا الصنف من (المعارضة) في بلدنا عندما تقول لهم: لماذا لم تتخذوا موقفا من هذه القضية أو تلك؟، يقولون أن مصلحة "التنظيم" اقتضت ذلك، لكن هذه الذريعة تسقط أيضاً عندما يتعلق الأمر بالدولة الأردنية، فهم يريدون أن تتخذ الدولة الأردنية مواقف من قضايا يؤمنون بها هم، وهي مواقف قد تتعارض مع مصالح الدولة الأردنية..!!
ومن صور تناقضات بعض التنظيمات التي تمتهن المعارضة في الأردن، أنها تدخل في تحالفات وأطر تنسيق مع جهات تتناقض معها فكرياً وسياسياً، وعندما يطلب منهم تفسير ذلك، يتذرعون بأنها تحالفات تكتيكية ومرحلية، وهي ذريعة اخرى تسقط عندما يتعلق الأمر بالدولة الأردنية، فالمطلوب من الدولة الأردنية أن تخرج من كل تحالفاتها، إلا ما طابق منها هوى هذا "التنظيم" أو ذاك "التنظيم". أو أن لا يكون لها تحالفات أو مواقف تكتيكية!
في كل ما تقدم من تناقضات بعض (المعارضة) الأردنية قلب للقواعد، فالأصل أن الدولة هي قاعدة القياس، وليس هذا "التنظيم" أو ذلك "التنظيم"، والأصل أن المصالح العليا للدولة هي المقدمة على كل مصلحة، لا مصالح التنظيمات، لأن الدولة تمثل مصلحة الوطن العليا.