أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

إياك يا صاحبي


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

إياك يا صاحبي

مدار الساعة (الرأي) ـ
... لماذا الصباح لدينا يرتبط بزقزقة العصافير، أنا لا أعرف لماذا ومنذ طفولتنا ونحن نقرأ في كتب اللغة العربية، وقصائد العشاق.. عن زقزقة العصافير في الصباح.. تخيلوا حتى الأغاني دخلتها العصافير: (عصفور طل من الشباك..).
مع أنني من الممكن أن أصحو دون سماع تلك (الزقزقة).. أنا أصلا أجدها مزعجة.. ماذا سيحدث إذا كان الصباح بدون زقزقة.. لقد أزعجونا في الطفولة بالحديث عن جمالها.. وقد تبين لي أنها مجرد فائض من الصوت، وجدت فيه البشرية بعض مساحات التعبير الزائفة.
حتى الربيع علمونا عنه في المدارس أن الأرض تكتسي بالثوب الأخضر.. وأن أوراق الأشجار تعكس أشعة الشمس، وأن الحشائش خضراء.. والمرج أخضر.. ماذا سيتغير إذا نبتت الحشائش باللون (الفوشي).. أو (التركواز).. هل سيتغير شيء؟..
وقد أسهبوا في مادة العلوم بشرح عملية التمثيل الكلورفيلي في الأوراق وأهمية الماء.. لتكن الأوراق على الشجر (كحلي).. ماذا سيتغير هل سينهار العالم؟
أيضا في الطفولة ظلوا يعيدون القصة في كل درس وفي كل كتاب وهي: أن الحلوى المكشوفة تجلب الذباب، ولا يجوز أن نشتري من بائع حلوى.. دون أن نتأكد من نظافة (الهرايس).. كان هنالك عداء مبيت ممن وضعوا المناهج تجاه الذباب.. أشعرونا أن الذباب عدو خطر ومفترس، ولدرجة أني صرت أحس بأن بائع الحلوى والذباب يحيكون مؤامرة على الأطفال.. ثم طوروا (بف باف) وعرضوه في التلفاز كقاتل للذباب والصراصير.. ما فتحت يوم شاشة تلفازنا في الطفولة إلا وداهمتني دعاية (بف باف)....يا الله كم استهلكوا من وقتنا في إنتاج معارك مع الذباب.
كل ذلك سأمرره، لكن لن أسامحكم في قصة باسم ورباب.. (3) سنوات وهم يخبروننا عن خصال باسم وسجايا رباب، كيف يساعدون أمهم في المنزل.. وكيف ينامون وكيف يفيقون باكرا في الصباح، وكيف قامت رباب بإطعام القطة.. وماذا قال الجد لباسم حين أراد أن يقطف الليمونه.. والأخطر من كل ذلك هو أن المنزل كله يقوم على (باسم ورباب)..
حاولت أن أقلد تلك الصورة المثالية في المنهاج.. وقررت مساعدة أمي ذات يوم في لظم إبرة الخياطة حتى أكون صالحا مثل باسم ورباب.. ولكن اكتشفت يومها أن الخيط يعاندني، ومنذ ذلك اليوم والحياة عندي تشبه لظم الخيط في الإبرة.. لا الخيط يطاوع ولا الإبرة تنثني.
وحين كبرنا قليلا تركوا (زقزقة العصافير) وذهبوا لصياح الديك، أتذكر أن قصيدة كاملة عن الديك حفظناها في الصف الرابع... وماذا سيفيدنا ذاك الصياح؟.. هل سينهار العالم مثلا إذا التهبت حنجرة الديك؟.. هل ستتوقف الشمس عن الشروق إذا لم يصعد ديك (أم العبد) على الخم ويصيح..؟.. أنا لا أعرف ما هي السيمفونية الخالدة التي قدمها صياح الديك للبشرية وماذا أضاف للإرث الإنساني.
مدار الساعة (الرأي) ـ