مدار الساعة - كتب: النائب الأسبق قيس زيادين - رأيي هنا ليس للمناكفة أبداً، بل هو نظرة مختلفة لاسباب فشل التيار الديمقراطي بالانتخابات.
بداية، اختلف مع كل من المحللين المحترمين بان السبب يعود الى تشتت اليسار. فهذا السبب صحيح فيما يخص خوض الاحزاب اليسارية التقليدية غمار الانتخابات بقائمتين، وهم فعليا ائتلاف حزبي من سنين.
خسارة التيار الديمقراطي لا تعود لعدم الائتلاف مع اليسار الكلاسيكيي، ولا تعود حصرا الى " تناكف الاقطاب".
السبب برأيي وببساطة عدم طرح لون مميز مختلف سياسياً بوضوح. فذهب التيار بالحزبين الى مجاملة الاسلام السياسي أحياناً، وأحياناً أخرى التيار المحافظ من ناحية اجتماعية، ومن ناحية اقتصادية لم يكن هناك فرق عند المقارنة مع اليساز التقليدي. فقام جمهور التيار المدني بالاعتكاف عن التصويت. فلم يجد من يمثله. فسادت عقلية المهادنة، حتى انه في لحظة كان الاجدى بانتقال الافراد بين الحزبين حسب الايديولوجيا.
وأصبحت الاقطاب تتبنى نظرية حشر الكل بقائمة واحدة من الشيوعي الى الليبرالي اجتماعياً. والخطأ الاكبر كان ببناء حزبين أعضائهما بداخلهما من مشارب مختلفة.
فاعترف على الملأ وكمثال، انا قمت بالاجابة على اسئلة راصد التي وضعت الحزب المدني بخانه منفردة "تقدمية ليبراليةاجتماعياً، وتتبنى السوق الاجتماعي اقتصاديا مع ميلها لاهمية دور القطاع الخاص. بينما لو كان الامين العام متواجدا واجاب هو، لخرجنا اقرب بكثير للشيوعية.
لذلك الحل هو الاعتراف بوجود تيار رابع. ليس شيوعياً او محافظاً او إسلامياً يرتكز على الشعبوية.
ان كانت اي تجربة مستقبلية لتيار معا او التيار المدني ستعود الى معادلات المهادنة، فالنتيجة ستكون نفسها.
التيار المدني التقدمي موجود، بانتظار من يطرح خطابه. اجتماعياً واقتصادياً. ومن الظلم استمرار محاولات توحيد هذه الجبهة. فاللون الرابع قد يكون الممثل للأغلبية التي لم تصوت، او قد لا يكون. لندع المستقبل يقرر. فالرواية ان الخطاب الواضح من التيار المدني تزيد من جماهيرية الاسلاميين على حساب المحافظين سقطت بالكامل.
ما استطيع تأكيده، اننا لا نعلم ماهية خطواتنا القادمة، لكنها ستكون مرتكزة على اللون.
لون وخطاب مدني وطني واضح. لن يستسلم لتزييف الوعي والاتهامات الكاذبة. لون سيكون مدافعاً عن الحريات الشخصية ضمن القانون وعدم الوصاية. لون لن يخجل من دعم القطاع الخاص كمشغل رئيسي للعمالة. لون لا يخجل من دعم تعديل المناهج وتأهيل المعلم. لون يرتكز لبرامج واقعية. لون لن يكون مضطرا للدفاع عن تهم سخيفة. فالبينة على من ادّعى. لون جديد تم اتهامه بسيداو، وهي اتفاقية وقعت وصادق عليها مجلس الـ ٩٣ والاسماء موجودة.
ان لم يكن مشروعنا هذا، فلنغادر الساحة لاننا جبناء، فاما هذا او ذاك الوضوح.
المؤلم اننا جلسنا مع الاحزاب اليسارية التقليدية باجواء مريحة لنتفق على قائمة مشتركة وفشلنا لان الاختلاف على الترتيب. وبالانتخابات، هاجم طرف الطرف الآخر بقساوة وتخوين. سياسيا مقبول، فالآراء متباعدة.
الامثل برأيي هو مغادرة التيار اليساري الحزب المدني الى حزب الديمقراطي، وبالمقابل انضمام التيار التقدمي الحديث التنموي التحديثي الى الحزب المدني. والا التفسير سيكون "صناعه دكاكين".
اما عدم نجاح هذا السيناريو السهل، فيعني انشاء حزب مدني حقيقي واضح المعالم ولن يكون مرتعا للمنافقين والمتسلقين والمخربين. الذين ينضمون باعداد لتغيير البوصلة كما حصل بالمدني الديمقراطي. فكانت نتيجة مؤتمره سلبية باعين المثقفين وأبناء التيار المدني. بدا من طريقة الحشد وصولاً الى الانتهازية السياسية.
المطلوب باختصار، انشاء حزب جديد او تعديل بوصلة الحزب المدني بحيث يغادر من يومن بضرورة المجاملة والتسويف. ويغادر ايضا كل من يعتقد ان الحزب اداة للضغط لمصالحه الشخصية.
لم اتكلم كثيرا عن ما حصل بمؤتمر حزبنا التنفيذي ومحاولة اقصاء تيار معا، مع انه من الممكن طرح الموضوع قبل ذلك بطريقة حضارية بدل الطريقة التي استعملت.
الخلاصة، الاردن يحتاج تياراً رابعاً واضحاً. لا يخشى عرض افكاره بوضوح واختلاف. تيار يؤمن بأن المدنية سند للدين والعشيرة. لا بل حماية من الاستغلال.
الانتخابات الاخيرة كانت نزيهة، ما يدل مستقبلا على نفس النهج. فلنغير خطابنا ونعود للاصل. فليس مطلوباً ان يمثل حزب او حزباًن دوراً للمميزين. فلا ادوات. المطلوب اعادة "معا" بخطابها.
لذلك كل خططنا القادمة ستكون مبنية على خطاب واضح حتى لو استفز البعض.
فنحن هزمنا، لان خطابنا كان عادياً ومكرراً.
ان استمررنا بمشروعنا الذي بنيناه على أسس واضحة فهذا جيد، وان لم نستطع فاما نغادر او نبني مؤسسة حزبية لنا، وستكون في البداية حذرة، وتملك صلاحيات مهمة بفصل اي عضو لا ينتمي.
الحزب المدني اليوم مقسوم على الخطاب . واكثرية اعضائه تم استقطابهم على اسس جهوية خدمية.
لا نكترث بالمواقع بقدر اللون والشخصيات الموجودة القادرة.
حزب يمثل الطبقة الوسطى. عامود البلد. حزب لن يتهاون مع من يحاول فرض وصايته على المجتمع. حزب لا يرى المهرجانات مثل جرش بانها فسق وفجور. فجرش. جزء من تاريخنا.
حزب ستتم مهاجمته من الجميع، واقصد التيارات السياسية المتضررة.
أُطمئنكم، اعضاء التيار مستمرون، بخطاب وطني تقدمي. فمن يرى ان القطاع العام مشغل رئيسي للعمالة مكانه أحزاب أخرى، ومن يرى ان الوصاية خارج القانون مقبولة، مكانه مع من يمثله. ومن لا يزال يؤمن بخطاب الكومبرادور وماركس ولينين مكانه آخر.
ومن في حزبنا يؤمن بان القطاع العام ركيزة لخلق اقتصاد اشتراكي مكانه ليس معنا.
لا نريد حزبا لارضاء الجميع.
ومن يرى بالمشروع مطية من الديناصورات فليعلم اننا تعلمنا. ان عدلنا بوصلة حزبنا التائه او أسسنا مشرعا جديدا سنحميه.
فمن يؤمن بالاقتصاد الاشتراكي او الشيوعي او النيو ليبرالي، مكانه ليس عندا.
سئمنا المجالمات التي اودت لخسارتنا. وسئمنا بعضا من التيار القديم.
بالملخص، اي حل سنتخذه سيقوم على الوضوح بالخطاب.
ما رأيناه بالانتخابات بين الاقطاب التاريخية كان. صدمة. لن تتكرر.
الاكيد، اننا سنخوض الانتخابات القادمة بلون واضح. فشماتة معظم التوجهات السياسية بخسارتنا مؤشر ايجابي.
مرحلتنا القادمة لن تتوانى عن محاسبة كل مصدر اشاعة كاذب. وتعريته. مرحلة سندافع عن انفسنا وسنهاجم من يهاجمنا.
مرحلة يفرضها علينا التاريخ حتى لو لم نجنِ ثمارها حالاً.
فنحن كما غيرنا، ابناء وطن نحمل وجهة نظر، ولا يحق لاحد التشكيك بذلك دون ادلة. وعلى القوى الاخرى، التركيز على خطابها بدل توزيع صكوك وطنية.
سامح الله كل من أيّد وشارك بضبط خطاب القائمة والاختباء.