مع ان التجارب اخبرتنا ان لا نثق بأحد، لان السياسة علمتنا ان المصالح تتعدى كل الحدود، وتتجاوز جميع التحالفات والعهود، فشعارها الغاية تبرر الوسيلة والمصلحة تفرض عليك استدارة ظهرك إلى صديق الامس وفتح صدرك إلى عدوك.
هذه السياسة بمفهومها العام وشكلها التقليدي الذي كان يدرس في الجامعات والمعاهد .
الا ان النظريات الان قد تغيرت وأخذت مفاهيم جديدة وتعريفات عديدة تتوافق مع القوة ومن يمتلكها فما ينطبق اليوم قد يتغير غدا حتى المفاهيم الإنسانية والاخلاقية وحقوق الانسان تاهت بين القوة والضعف وبين الحقيقة وعكسها . وفي ظل التحليلات والأحداث المتكررة بأن العالم قد تغير فالواقع يخبرنا عكس ذلك فما زالت موازين القوى هي التي تحدد المستقبل وتفرض شروطها ونظرتها المستقبلية لغيرها بما يتوافق مع مصالحها واهدافها وهذا الامر ليس بجديد.
فمنذ الحرب العالمية الأولى والثانية وما افرزته من شروط ومخرجات ما زال الصراع قائما والمضي في المخططات نحو الأحادية والتفرد وبسط النفوذ سائر دون توقف او تراجع.
قد يطرأ بعض التأخير او احداث استدارات بسبب ظروف معينة او مستجدات غير متوقعة، الا ان الهدف يبقى موجودا في الأذهان وعلى المخططات. وها هو موضوع الشرق الأوسط الجديد يعود إلى الاذهان بعد ان اعتقد البعض انه أصبح في طي النسيان بعد ان غادرت صاحبة المشروع كونداليزا رايز موقعها كوزيرة للخارجية الأمريكية بعهد الرئيس الاسبق أوباما او تأخر بعض الوقت.
بعد ان أعاد رئيس وزراء الاحتلال هذه المقولة قبل وقت قصير.
لندرك تماما ان دولة الاحتلال هي أداة لتنفيذ مخططات معلميها وأولياء نعمتها كتجار المخدرات حيث يبقى المعلم الكبير في الخفاء وينظر على الجميع دروسا في الأخلاق والدين وهو الذي يأمر صبيانه بنشر الفساد وتلويث الأجواء دون اي اكتراث بمصير مروجها او متعاطيها فالمهم ان يسوق بضاعته ويحقق اهدافه.
ومنذ 11سبتمبر أصبح المخطط الامريكي الذي يجر الغرب خلفه أكثر وضوحا بعد ان استغل الحدث الذي تدور حوله كثيرا من الشكوك لتدمير العراق واضعاف الشرق الأوسط من خلال أحداث وإيجاد مبررات تدفعهم للتدخل المباشر تحت حجج وذرائع كثيرة كالقضاء على الارهاب وداعش وغيرهم ممن صنعتهم أجهزتها الاستخباراتية او فرض ربيعا هداما لا عربيا، أفرزت نتائجه أمة ممزقة وضعيفة لا تمتلك مشروعا موحدا ولا تتفق على آلية للخلاص.
لتأتي أحداث 7 اكتوبر وعملية استغلالها والاستفادة منها استكمالا للمشروع الامريكي والغربي نحو شرق أوسط جديد لكن بأدوات جديدة غير التي كانت في السابق نظرا لبعض المتغيرات وما طرا عليها من أحداث.
فما حدث بعد 11سبتمبر يكرر نفسه بعد 7 اكتوبر من حيث السيناريو والأحداث وتحالف أمريكي غربي لضرب ضحيتهم وانهاكها مستخدمين اشد انواع الأسلحة فتكا دون اعارة مصطلح حقوق الإنسان وغيره اي أهمية، الا ان حلقته الأخيرة لم يتم كشف الغطاء عنها حتى الآن لأنها هي من ستحدد مستقبل الشرق الأوسط.
لذالك فان الجميع بنظر الولايات المتحدة الأمريكية «كمبارسات» وادوات تستخدمهم متى ارادت لتحقيق أهدافها سواء في الشرق الأوسط او أماكن اخرى كالحرب الروسية الأوكرانية التي صنعتها هي.
ويبقى السؤال على من الدور القادم؟ وأين بلدنا من حالة الصراع الدائرة في منطقتنا والجنون الأمريكي كصاحب مشروع وشريك بقتل أطفال قطاع غزة وشيوخه ودمار الشرق الأوسط.
وهل نحن وبعد هذه الاستدارات الدولية التي تحدثنا عنها ما زلنا نثق بتحالفاتنا ونضع خياراتنا في سلتها، أم لدينا سيناريوهات خاصة بنا؟