مدار الساعة – كتب: عوّاد الخلايلة - كلما ثارت زوابع الاشاعات اياً كانت دقتها من عدمها، واياً كانت مصادرها ودوافعها حول الأردن والتحديات التي تواجه أمنه واستقراره ومستقبله، تظل أصابع الملك تخط الكلمات الدامغة والنقاط على الحروف لتبدد القلق الذي ينتاب الأردنيين بين حين وآخر.
هذه ثوابت الفعل والحقيقة معاً، لا التلاعب بالكلمات وتجميل العبارات أو دغدغة العواطف وتطييب الخواطر، في مرحلة تعدّ من أدق المراحل التي تواجه الأردن، وتفرض علينا جميعاً - المصارحة الواضحة دون تغطية أو تعمية أو مجاملة.
وفي زخم الاشاعات، فإنه لم يعد هناك اي اختباء وراءها، عن قصد أو جهل، أو لمنفعة شخصية وغاية، فإما ان نكون جميعاً مع الوطن، وأما أن نكون في المكان الخطأ.
وهذا يتطلب ان يكون "الرأي العام" على بينة مما يجري على الأرض الأردنية، وما يؤديه الأردن من جهد في المنطقة وعلى مستوى العالم، وهو ما يسعى جلالته التأكيد عليه.
واذا كان من حق الأردنيين الاطمئنان على وطنهم، فمن الطبيعي أن ينتابهم القلق، لا ضعفاً في مواجهة الاشاعات والتحديات، وقد اجتازوها بفضل عقيدتهم الراسخة ووعيهم وثقتهم بقيادتهم واجهزتهم وأنفسهم وتماسكهم الوطني، ولكن لأن استهداف الاردن وما يجري في المنطقة، يدفعهم لأن يكونوا دائماً في يقظة ومعرفة لما يدور حولهم، ويتعرضون له من مخططات إرهابية، ظلت نتيجتها الفشل وستظل بعون الله.
نقول هذا، وقد شهد الأردن خلال الايام الاخيرة كثيراً من الاشاعات، على مستوى القيادة، وتحديداً الملك نفسه، في اثناء غيابه عن الوطن، مثلما تعرض الاردن لعملية ارهابية، الى جانب ما حدث من ضبط لأعمال غير مشروعة وما يسمى بـ"انتاج الدخان"، وكل هذه الامور جعلت المواطن الاردني أمام تساؤلات، فكانت لقاءات الملك على الصعد الرسمية والشعبية والاعلامية "الوصفة" التي عالجت هذا "الصداع".
يقول الملك، خلال لقائه صحفيين وناشري مواقع الكترونية بينها "مدار الساعة": "لست منزعجاً أو متوجساً أو قلقاً على الاردن وحدوده"، ذلك ان جلالته يتكئ على ارث تاريخي في التعامل مع المستجدات، وعلى قوة راسخة في مسيرته الطويلة، بأن هذا الوطن بكل مكوناته واجهزته ومؤسساته وما يمتلكه من قدرات، قادر على ان يواصل دوره الوطني والقومي، مهما كانت التحديات وتغيرّت القوى الدولية وتنوعت التحالفات او تبدلت "قواعد اللعبة"، وهذا ما يٌقصد فيه رداً على اشاعات حول صفقة القرن او الوطن البديل.
لم أرَ جلالة الملك غاضباً كما هو عند الحديث عن اغتيال الشخصية، حتى لا "يكون كل أردني فاسداً، وأن الأردنيين لا يعيشون في غابة" كما يؤكد جلالته.
أما ما يتعلق بالفساد، والذي يشكل تحدياً للاردن، فإن محاربته، لم تعد تنتظر ترف الوقت او التحايل في مواجهته، وان كسر ظهره وظهر الفاسد بات أمراً لا مفر منه ولا يحتمل أن يكون محل اجتهاد، كما يؤكد جلالته.
وبخصوص المكانة التي يتسابق اليها شهداء الوطن دفاعاً عن حياضه، فإن نيل هذا الشرف الرباني الذي لا يدانيه شرف في الدنيا، هو عزاء الاردنيين، وفي هذا يؤكد الملك التواصل مع ذوي الشهداء لاعانتهم على العيش الكريم والاطمئنان على مستقبل ابنائهم واسرهم.
ولعل اعتزاز الملك عبدالله الثاني بالاجهزة الامنية والقوات المسلحة في التعامل السريع مع تلك التهديدات والعمليات الارهابية، يدفعه لأن يقول بأنه لم يحدث على مستوى دول كثيرة وكبيرة، في كيفية التعامل وبهذه السرعة، ما يجعلنا في الاردن اكثر اطمئناناً لما يحدث، فالاردن كأي بلد عربي وفي هذه المنطقة، لا يعيش في معزل عما يحدث في العالم، وأن هذا الاستقرار سيظل بعون المولى وما دام الاردنيون بهذا الوعي، لا تنطلي عليهم اشاعة ولا تهزهم عملية ارهابية يرتكبها جبناء.