بالامس أشرت الى ان حماس الحركة والفكرة في ازمة, فتيار الاسلام السياسي بمجمله, خسر معركة قطاف الربيع/الخراب العربي, وخسر فيما خسر, اقناع الناس بأنه قادر على بناء دولة, على عكس ما اقنعها بمهارة سابقا, انه قادر على هدمها, فرأينا حجم الخسائر التي تلقاها عبر صناديق الاقتراع, في اكثر من عاصمة عربية, ولم تكن حماس الحركة باقل خسارة, فخسارتها كانت مضاعفة, اولا لان الحصار ارهقها بكل المجالات, شعبيا واقتصاديا, فتحولت غزة من مدينة شاطئية عذبة الروح والمشهد, الى مدينة غارقة في تناقضات مجتمعية واقتصادية.
والاخطر خسارة حماس لحاضنة عربية عتيقة وعريقة, واعني دمشق, التي خسرتها الحركة بانحيازها الى التنظيم العالمي على حساب مصالحها الوطنية والذاتية, فرحلت فعلا وجماعات, وقيادت سياسية الى عدة عواصم, لكن رياح الاقليم جرت عكس شهوة الاسلامويين, فكانت حماس الحركة الاكثر خسارة, رغم شلال المال القادم من عدة جهات واقتصاد الانفاق, فهذا لا يبني دولة, كما كان حلم تيار الاسلام السياسي, الذي تعمقت شهوته, لانتاج دولة في غزة بعد الخسائر الفادحة في باقي العواصم.
هذا الشلال الدولاري, يمكنه بناء مقاطعة او ولاية اسلاموية, لكنه لا يبني دولة بالضرورة, تعمقت ازمة حماس, وبدأت الخلافات الداخلية تظهر للعلن, ورأينا وما زلنا نرى, حجم التباين بين اقطاب حماس- قبل الطوفان- ولربما بدرجة اقل بعده, فثمة من طالب بعودة الحركة الى مربعها الاول, دمشق الضاحية وطهران, وثمة من طالب بتكريس النأي والاستمرار في حضن عواصم اخرى , وثمة من رأى ان المصلحة الوطنية تقتضي المصالحة الفلسطينية والبقاء في مربع الجغرافيا الفلسطينية, رغم الصعاب والضيق الجغرافي والسياسي, فالفرق في المنهج بين حماس وفتح اصبح شرخا صعب ردمه, فقاد الشهيد العاروري هذا النهج, لكنه اصطدم بعقبتين, الاولى التباين داخل حماس, وثانيهما عدم جاهزية السلطة للوحدة, على ارضية لا رابح ولا خاسر.
كل هذا كان يستجلب الضيق من حماس شعبيا, داخل غزة, وبدأت الامور في طور الانفلات, فتيار فتح الاصلاحي تقدم في غزة, برضا حماس, كفرصة لحلحلة الازمة الاجتماعية, وقدم تيار فتح الاصلاحي كما يسمي نفسه, المال اللازم للمصالحات على الدم, لكن ذلك لا يكفي للخروج من الازمة, فالرفض العالمي والعربي, للحركة يزداد ويتعاظم, والشرخ المجتمعي بات واضحا, والمصالحة بين كر وفر وتبادل اتهامات, والاخطر خضوعها لمصالح العواصم المتبعثرة والمتباغضة, فكان الخروج من الازمة الداخلية كما هو معروف ومألوف, بحرب خارجية, فلا شيء يوحد المجتمعات قدر العدو الخارجي, فكيف اذا كان العدو الازلي والتاريخي, مع تمسكي بما نشرت سابقا, ان الطموح او التخطيط, كان لحرب ضيقة ومحدودة, وليست ابادة كما حصل.
حماس الحركة والفكرة, نجحت في اشعال الحرب, ونجحت في جذب انظار العالم مجددا, لغزة وقضيتها, لكن وعكس الدارج الذي اعتدنا عليه حين نزور احدا ولا نجده, فنقول حضرنا ولم نجدك, بل كان الواقع يقول, وجدناك ولم نحضر, وهكذا كان, فنحن وجدنا الطوفان, لكننا لم نجد الواقع الفلسطيني الجاهز والحاضر, لقطف ثمار هكذا خطوة, فما زال شرخ دمشق حاضرا في محور الممانعة, وما زال القفز من المركب العربي الى الحضن الخارجي , حاضرا في ذهن محور الاعتدال الغائب عن الفاعلية, وبقيت حماس تراوح مكانها بين تكتيك للخسارة او تفكيك للحالة واعدام الحلول وانعدامها, فخطوة الطوفان اكبر من الحالة الفلسطينية المتشظية, فكل ازمة داخلية, اقصر الطرق لحلها هي حرب خارجية, والعلاقات الخارجية او حروبها, هي دوما حاجة داخلية.. وللحديث بقية.
omarkallab@yahoo.com