منذ أطلق مجرم الحرب /نتنياهو الاسم الكودي بدلالاته التلمودية المؤسطرة "حرب القيامة" (او ما ترجمته بالعبرية "النهضة او الإنبعاث") مُتخليا عن الاسم الكودي "السيوف الحديدية", بعد عام من حرب الإبادة الصهيو أميركية على قطاع غزة قبل عام من الآن, خاصة إثر شروعه وحليفه في البيت الأبيض, في حربهما مُتعددة الجبهات التي زعَما أنها "7" جبهات. هي: غزة, الضفة الغربية, لبنان, اليمن, العراق, سورية وإيران.
لم يغادر نتنياهو مربع الاستخدام المفرط للقوة العسكرية, مستهدفا المدنيين على نحو خاص, واضعا نصب عينه إخلاء القطاع من سكانه, والشروع في إفراغه تمهيدا لاستيطانه, ليس فقط إحياءً لمستوطنات "غوش قطيف" التي أخلاها الإرهابي أرئيل شارون عام/2005, بل خصوصا لإلحاق القطاع بخريطة الكيان العنصري الإحلالي, مُطمئنا الى أن الضفة الغربية (يهودا والسامرة في المصطلح التوراتي المُزيّف) باتت قاب قوسين او ادنى من الضمّ الكامل. وجاءت تصريحات دونالد ترمب صاحب صفقة القرن, التي قال فيها: ان "مساحة إسرائيل صغيرة جداً", ما دفعه للتساؤل عن "الكيفية التي بمقدوره مُساعدة الكيان الغاصب على التوسّع", لتُعيدنا الى ما كانت إشترطتْ عليه/ترمب, أرملة اليهودي الأسترالي شيلدون أديلسون, ملياردير صالات القمار, عندما تبرّعت لحملته الإنتخابية بـ"100" مليون دولار, مقابل "وَعد" منه (إذا ما فاز), بضم الضفة الغربية, كما إعترفَ بضم الجولان السوري المحتل في صفقة القرن, ونقلَ السفارة الأميركية الى القدس المحتلة.
هنا أيضا ودائما تحضر "دبلوماسية الخرائط", التي ثابر نتنياهو على استخدامها بـ"إفراط" ولكن ليس عبثاً بالتأكيد, سواء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي, أم في إطلالاته الإعلامية ومؤتمراته الصحفية, في نيويورك وواشنطن وفي لقاءاته مع أعضاء الكونغرس الأميركي, الذين يُهرولون الى الكيان لنيل الدعم والثناء اليهوديّين. خرائط توسعية مُستفزة, وكاشفة بلا غموض او تستّر المشروع الاستعماري الصهيوني.
ماذا يجري في شمال قطاع غزة؟.
أهالي شمال القطاع وبخاصة منطقة جباليا البلد والمخيم وما حولهما, وصولا الى حيّ الشيخ رضوان, بسكانه الذين يزيدون عن "200" الف نسمة, يتعرّضون لحملة إبادة جماعية بالصوت والصورة, لرفضهم مغادرة مناطق سكناهم, ليس فقط تمسّكا منهم بأنقاض بيوتهم المهدمة, بل خصوصا بعدما فصلَ جيش النازية الصهيونية تلك المناطق, عن مدينة غزة, ووضع سواتر ترابية ضخمة لمنع دخول أحد من المنطقة الجنوبية التي باتت مفصولة, مُفسحا المجال لأهالي شمال القطاع للتحرّك لمناطق وصفها بأنها "آمنة", ولكن نحو "الجنوب".
وإذ أعاد الفاشيون سيناريو القتل العشوائي وإستهداف كل ما تقع عليه كاميرات الطائرات المُسيّرة وتلك الحربية من F – 16 الى F-35 والمدافع الثقيلة واجتياح بالدبابات, على نحو رفع من عدد الشهداء والمصابين ليصل الى مئات الضحايا, كما كانت الأعداد الكبيرة من الشهداء والمصابين, عند بدء الحرب الصهيو أميركية في أكتوبر/2023, مصحوباً ــ العدوان الجديد ــ بإخلاء مشفى الأطفال الوحيد في المنطقة "مشفى كمال عدوان" (إضافة الى مَشفيّي "الإندونيسي" و"العودة"), ما أعاد الى الأذهان إخلاء مشافي عديدة في شمال ووسط وجنوب القطاع المنكوب, فإن الهدف من كل ما يجري في شمال القطاع هو تطبيق عملي بالنار لـ"خطة الجنرالات" التي اعدتها مجموعة من جنرالات العدو, وباتت تُعرف باسم مَن قدّمها وشرحها للكابِنيت وهيئة الأركان "امام نتنياهو"، بخطة الجنرال غيئورا آيلاند, الذي شغلَ سابقا منصب مستشار الأمن القومي في الكيان.
الأكذوبة التي ردّدها ويرددها العدو كلما جرّد حملة إبادة جديدة, على إحدى مناطق القطاع الثلاث.. شمال, وسط والجنوب, هي "تفكيك" قدرات حركة حماس, التي أعادت بناء بل "واستئناف" صناعة معداتها العسكرية, فيما يروم العدو في واقع الحال, تطبيق خطة التهجير بعد "إنشغال" العالم بالحرب الصهيوأميركية على لبنان, وعودة تل أبيب وواشنطن للحديث عن "تحوّل إستراتيجي" في موازين القوى في المنطقة لصالح أميركا واسرائيل وحلفائهما.
لهذا تأتي دعوة جيش النازية الصهيونية أهالي شمال غزة لإخلاء المنطقة, والذهاب ـ بلا عودة ــ الى الجنوب, تطبيقا لدعوة خطة الجنرالات القائلة بضرورة : القضاء بشكل كامل على أي وجود لـ"حماس" في شمال القطاع، من خلال إفراغ كامل المنطقة من سكانها، وإعلانها منطقة "عسكرية مغلقة"، إضافة الى منع دخول المساعدات الإنسانية، وتصفية كل مَن تبقى بإعتباره إرهابيا.
يبقى السؤال ما إذا بات قطاع غزة جبهة "ثانوية" على ما زعم الفاشي نتنياهو ام لا؟.
"الميدان" هو الذي يتحدّث, وما اعتراف العدو بالخسائر اليومية المتلاحقة, التي ينشر جيش الفاشية الصهيونية أرقام قتلاه وجرحاه, وإن بتقتير بعد موافقة الرقابة العسكرية, سوى الدليل الواضح على أنها جبهة "رئيسية وفاعلة", كما كانت منذ عام وما تزال, وما وصفها بالـ"ثانوية", سوى إبعاد للأنظار عن جرائم الإبادة والتجويع والتعطيش, وإخفاء لمخطط التهجير.