مدار الساعة - اقام منتدى الرواد الكبار يوم أمس السبت، ندوة بعنوان "غربال الذكريات"، للدكتور نبيل عماري، وادار الندوة المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص.
حضر الندوة جمهور من المهتمين بالشأن الثقافي إلى جانب مديرة المنتدى هيفاء البشيرة التي قالت: نلتقي في هذه الامسية بقامة أردنية نعتز بها، وقف وقفة شامخة كحارس لذكريات الوطن الغالي الكاتب نبيل عماري يتحفنا ما بين الحين والآخر بحفنة من عبق الزمن الجميل، حين كانت جدران البيوت متلاصقة ويتآخى معها الجيران، وحين كانت أغنية الحصادين تسقط ندية في الصباح من حناجرهم وتملأ اركان المكان تلك الأيام الجميلة التي غادرتنا وتخلينا عنها، ليعود لنا هذا المبدع الكبير ليحفظها في صفحات كتبه ومدوناته، ونجتمع في هذا المساء للحديث عن كتابه "غربال الذكريات".
من جانبه رأى د. نبيل عماري إنه من الجميل أن يكتب الفرد ذكريات جميلة ويفتح ألبوماً عتيقاً من الصور الذكريات، يطويه صفحة صفحة وأمعن في الوجوه والناس التي حركت ذاكرتي تباعاً كأنها شريط سينمائي دار ومشي من الأبيض والأسود إلى الملون بملمس ناعم أو خشن بصورة فورية أو تحميض وختم على الصورة ستوديو سركيس او جوني او زكي ابو ليلى، الصور ذاكرتنا في تلك الصورة أبتسم وصورة أخرى متجهم وصورة لجواز السفر والهوية جدي.
وقال المحاضر عندما أتامل هذه الصور والذكريات وأقول يا الله كم مضى من العمر والأهل والأصدقاء والأقارب وكم مضى من المحن والأفراح والأتراح وكم تبدل العالم هنا صور من سبقونا إلى دار الحق جدتي أبي أمي أقارب أصدقاء وأناس زادهم الزمن تجعيد وكبر. الله تغير العالم وكم صار في عجلة من أمره، الحبيبة كبرت وصفحات العمر مرت هنالك كانت الرومانسية وقلم الباركر تكتب بلون اسود قصائد الغرام على أتوغراف او صفحة من دفاتر الرسائل المطبوعة بلغة الورد والهيام.
واشار عماري إلى الموضة وبدلات في الستينات والقميص الأبيض المنشى عند الكوى وسينما الأبيض والأسود والأيام الجميلة حيث الرصانة في الحب وعذوبة العشق فعبد الحليم حاضر في أغانية ليحرك مشاعرنا ننتظر غمزة او ضحكة من الحبيبة حتى يخرج الفؤاد من قفصة الصدري فالحياة كانت رقيقة وأكثر عذوبة في الأبيض والأسود حقاً بدت لي ذكريات الأبيض والأسود جميلة بدء من البومي العتيق إلى ذكريات من زمن جميل خطابات جمال عبد الناصر وصورة بالأبيض والأسود وحتى تلك الأغاني الوطنية والتي تحرك مشاعرك القومية والعروبية وصوت الراحل الملك حسين على التلفزيون الأردني يعطي للزمن رونق وشماغ وتلك القبة الدائرية الصوفية التي كان يلبسها الشهيد وصفي التل تذكرنا بالأبيض والأسود والتلفاز الأردني في بدايته وأغاني ميسون الصناع وعبده موسى وتوفيق النمري وسميرة توفيق ومقالب غوار وحمام الهنا كلها أبييض وأسود.
واضاف المحاضر أن الأبيض والأسود والرجل الذي يدخل رأسه في الشرشف او الرداء في تلك العتمة الحالكة ليأخذ لنا الصورة والأبتسامة، واللذين سميناه ستوديو قرمز . كان زمناً له سحر خاص، فتلك الأله لها سحرها وجمالها. فقد كنا في صورنا أكثر أناقة وألفة وبساطه كانت الناس أغلبها تبتسم تزهو بالنفس. كان في كل بيت أردني صورة معلقة للمرحوم الملك حسين والشهيد وصفي التل لها برواز يتوسط غرفة الصالون.
كان هذا زمن الأبيض والأسود زمن الثقافة والوداعة زمن الهدوء والعلم زمن القيمة للبيت والوطن والمدرسة والجامعة زمن بلاد العرب أوطاني برغم الهزيمة المدويه زمن كان حب الوطن ينبض في كل خلايانا زمن كنا ننشد به دعاء الشرق وأخي جاوز الظالمون المدى وكل شيء للوطن.