أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

عبدالهادي راجي يكتب: روح الأردن


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

عبدالهادي راجي يكتب: روح الأردن

مدار الساعة ـ
زار الرئيس مدرسة وقبل رأس طالب فيها, حضر تأبين معروف البخيت أيضا, واجتمع بمجلس الوزراء, تلقى التهاني في رئاسة الوزراء... ووجه رسالة للشباب قال لهم فيها اجعلوا سقف طموحكم السماء...
ما هو المشروع الذي تملكه الحكومة الان؟ كل الحكومات التي سبقت كان تركيزها على الإقتصاد ..تخفيض المديونية, الحد من البطالة, الحد من الفقر, ومن ضمن المشاريع أيضا تشكيل اللجان, ورفع أسعار البنزين... الخ.
للان لم تقدم أي حكومة في ال(15) عاما المنصرمة مشروعا رديفا للمشروع الإقتصادي، ماذا عن مشروع إنتاج سردية للدولة الأردنية؟ ماذا عن مشروع في الثقافة الوطنية يعنى بتحصين القلب الأردني ومنع الولاءات الخارجية... ماذا عن مشروع في بناء العقل والوعي؟.. ماذا عن مشروع في الدراما وإعادة إحيائها.. ماذا عن مشروع يعني بإعادة إنتاج الجيش الشعبي... ماذا عن مشروع يعنى بتقديم الأردن للحالة العربية والعالمية بشكل جديد..
الأردن ليس فقط (البزنس بارك) والأردن ليس (البوليفارد).. الأردن هو جرينة وقفقفا.. هو حي الطفايلة، هو المشيرفة والراجف وصنفحه.. هو فقوع والقطرانة.. هذه المناطق هي خزانات الولاء الحقيقي وهي خزانات الهوية وهي مصانع العسكر ... لكنها لا تحضر في المشهد السياسي الأردني أبدا ولا حتى في المشهد الثقافي أو الاجتماعي...
الأردن ليس المشاريع الريادية .. الأردن هو فاطمة التي تصحو في الصباح وتؤسس مشروع الصبر, وتبني عائلة وتقاتل لأجل الوقوف مع زوجها وتنتج في منزلها الجميد وتقوم ببيعه... والأردن ليس الذين يشربون القهوة من ستاربكس في الصباح ثم ينطلقون إلى عملهم خلف شاشات الكمبيوتر .. ويتعففون عن الحديث بالعربية, ويحاورون بعضهم بالإنجليزية.. ولو أعطيت أحدهم مفتاح سيارتك وطلبت منه أن يذهب إلى ماركا بدون مساعدة (الجوجل) .. حتما سيتعثر, الأردن هو عبدالفتاح.. الذي يقود الباص من مجمع الجنوب في الوحدات إلى الكرك, ويؤمن قوت عائلته بالكد والصبر ... ويحب البلد ويخلص للتراب ويرى الدنيا كلها تجتمع في الطريق الصحراوي...
الأردن ليس تلك الخطط التي تنتج في المكاتب الفارهة, ويدعى لها مجموعات من (الأن جي أوز) ويتحدثون في (الجندر) والمرأة.. منذ متى كانت المرأة الأردنية موضوعا يبحث في أروقة المؤسسات الممولة من السفارات..
الأردن هو عواطف التي تسري في الصباح من المخيم وتعمل ممرضة في مستشفى حكومي, وتعيل عائلتها.. وتخلص في العمل, وتمسح عن الناس وجع المرض.. وتعب السنين.
حين ننظر لهؤلاء الناس حتما سنعرف كيف نكتب سردية للدولة, سنعرف معنى خزانات الولاء وخزانات العسكر وخزانات الصبر... سنعرف روح الأردن الحقيقية.. حتما سنعرف معنى صبر الأوطان ومعنى كد الشعوب..
نحتاج لمشروع رديف في الوجدان والهوية والدولة, مشروع لا تتدخل فيه الأرقام.. ولايتدخل فيه من درسوا في جامعات بريطانيا ويريدون تطبيق مشاهداتهم في المجتمع الإنجليزي علينا, مشروع لا تتدخل (الداتا شو) ولا تيارات الديجتال.. ولا الليبراليون الجدد أو المستجدون...
تعبنا من الخطاب الإقتصادي.. وتعبنا من سلوكات رسمية مكررة, نحتاج لشيء جديد في المشهد.. نحتاج لتبديل في الأفكار والوجوه والرؤى...
أنا لا أشاهد وطني من نوافذ البزنس بارك ولا من بوابات البوليفارد.. أشاهده من شرفة قلبي فقط, شاهدوا الأردن من شرفات القلب.. وقتها ستعرفون معنى الروح الأردنية.
مدار الساعة ـ