أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

بطاح يكتب: لماذا الدعم الغربي 'اللامحدود' لإسرائيل؟!


د. أحمد بطّاح

بطاح يكتب: لماذا الدعم الغربي 'اللامحدود' لإسرائيل؟!

مدار الساعة ـ
لقد كشفت أحداث السابع من أكتوبر والحرب الإسرائيلية التي تلتها على غزة الدعم الغربي اللامحدود لإسرائيل فقد هرع جميع زعماء الغرب (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا…) إلى إسرائيل مُعلنين دعمهم ومساندتهم ليس فقط بالكلمات بل من خلال التزويد بالأسلحة وإلى حد أن " ريشي سوناك" رئيس وزراء بريطانيا السابق جاء إلى إسرائيل بطائرة مليئة بالعتاد العسكري !، ولم يكتفِ الغرب بذلك بل قدم غطاءً سياسياً واضحاً حيث دافع عن جميع سياسات إسرائيل الحربية في قطاع غزة والضفة الغربية واعتبرها "دفاعاً عن النفس!" وإذا كان من المتوقع أن يدّعم الغرب إسرائيل -حيث إن هذه سياسة غربية ثابتة منذ إنشاء إسرائيل في عام 1948- فقد كان لافتاً أن هذا الدعم غير مسبوق وغير محدود إلى درجة أن المتابع يحار في الأسباب والدوافع التي تجعل الغرب مُنساقاً وراء إسرائيل إلى هذه الدرجة، ولعلنا نؤشّر على هذه الأسباب والدوافع على النحو الآتي:
أولاً: أن الغرب خلق إسرائيل كقاعدة عسكرية متقدمة له بحيث تخدم مصالحه في المنطقة العربية الحساسة، وقد قال الرئيس الأمريكي بايدن ذلك صراحه عندما كان " سيناتوراً" في سبعينيات القرن الماضي (لو لم تكن إسرائيل موجودة لكان يجب علينا أن نوجدها) وفسّر ذلك بأن وجود إسرائيل يُغني الولايات المتحدة عن إبقاء جيوش أو إرسال طائرات وسفن لإخضاع المنطقة وإبقائها في دائرة المصالح الأمريكية والغربية!
ثانياً: "عقدة" اضطهاد اليهود التي عانى منها الغرب وبخاصة بعدما حدث لليهود في إبان الحرب العالمية الثانية على يد "هتلر"، وبغض النظر عن أعداد اليهود الذين قضوا في ما سُمي المحرقة (Holocaust) فإنّ أحداً لا يستطيع أن ينكر أن اليهود تعرضوا للملاحقة والاضطهاد على يد النازية بل على يد الأوروبيين بشكل عام وفي فترات تاريخية متفاوتة الأمر الذي أدّى إلى شعور "أوروبا" و"الولايات المتحدة لاحقا"ً بأنه لابدّ من "إنصاف" اليهود وإقامة كيان سياسي لهم حتى وإن كان ذلك على حساب شعب آخر هو الشعب الفلسطيني الذي لم يكن له أيّ علاقة بما حدث لليهود في أوروبا، ولا شك إنّ هذه العقدة ما زالت تلاحق الغرب وبالذات المانيا التي تزود إسرائيل بـ (30%) تقريباً من أسلحتها (تزودها الولايات المتحدة بــ 70% تقريباً)، وكانت الدولة الوحيدة التي وقفت إلى جانب إسرائيل في محكمة العدل الدولية التي تحقق في ارتكاب إسرائيل لأم الجرائم وهي جريمة "الإبادة الجماعية".
ثالثاً: وجود لوبيات (Lobbies) أو جماعات ضغط (Pressure groups) يهودية نافذة في الدول الغربية كمنظمه الإيباك (AIPAC) في الولايات المتحدة ومثيلاتها في فرنسا (حيث أكبر جالية يهودية في العالم بعد الولايات المتحدة) وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية. إنّ هذه المنظمات اليهودية ذات تأثير كبير في المجتمعات الغربية وبالذات في مجال الأعمال (Business)، والإعلام، والأكاديميا، وهي تجنّد نفسها دائماً للدفاع عن السياسات والمصالح الإسرائيلية وبخاصة أنها تعمل في بيئات متعاطفة مع طروحاتها.
رابعاً: المنظومة القيمية المشتركة بين الدول الغربية وإسرائيل والمقصود هنا الإيمان " بالليبرالية" والديمقراطية النابعة من الفلسفة الرأسمالية والقائمة أساساً على الحرية، وتداول السلطة، والفصل بين السلطات (Cheques and balances). إن تماهي إسرائيل قِيمياً مع الغرب يجعل هذا الغرب ينظر إلى إسرائيل على إنها امتداد له، بينما يجد صعوبة كبيرة في تقبل منظومة القيم العربية النابعة أساساً من الثقافة الإسلامية، ولذا لم يكن مُستغرباً ألاّ يحّبذ الغرب ما حدث في إسرائيل أخيراً من انزياح الرأي العام الإسرائيلي نحو اليمين، والرغبة المتنامية في إسرائيل لصبغ الدولة بصبغة "توراتية" تحتكم إلى الشريعة اليهودية وتبتعد حكماً عن جوهر الليبرالية على النمط الغربي.
خامساً: ضعف التأثير العربي على السياسات الغربية برغم وجود مصالح غربية هائلة ومعروفة في الوطن العربي، الأمر الذي يجعل صناع القرار في الغرب لا يترددون عندما يتبنون سياسات داعمة لإسرائيل بغير حدود وبغير اعتبار لمشاعر العرب ومصالحهم.
وخلاصة القول إن الغرب (بزعامة الولايات المتحدة حالياً) يرى أن إسرائيل وُجدت لتبقى، وأنها يجب أن تكون متفوقة نوعياً على جميع الدول المحيطة بها، وفي إطار هذه السياسة العامة تتسابق الدول الغربية (وإن بصوره متفاوتة بالطبع) إلى دعم إسرائيل وتمكينها: عسكرياً، واقتصادياً، وسياسياً، وإعلامياً حتى وإن انطوى ذلك على تجاهل لحقوق الشعوب في تقرير المصير، والشرعية الدولية، وحقوق الإنسان وغيرها.
مدار الساعة ـ