تعتبر إدارة التغيير في القطاع العام من أكبر التحديات التي تواجه الحكومات، نظرًا للطبيعة البيروقراطية وتعقيد الإجراءات، حيث تواجه العديد من مشاريع التغيير في القطاع العام تحديات كبيرة تؤدي إلى فشلها، مثل مقاومة التغيير، والبيروقراطية، ونقص الموارد.
بينما نتطلع إلى النجاح، يمكننا أن نستفيد من التجارب الناجحة لشركات أردنية نجحت في إدارة التغيير، فيما يلي أبرز الأسباب التي تؤدي إلى فشل مشاريع التغيير، مع استعراض أمثلة من دول وشركات مختلفة للاستفادة من تجاربها.
أسباب فشل مشاريع التغيير في القطاع العام:
١- مقاومة التغيير:
تُعد مقاومة التغيير من أبرز التحديات، حيث يشعر الموظفون والمواطنون بالقلق من فقدان الاستقرار أو من تأثير التغيير على حياتهم، مما يؤدي إلى مقاومته.
هذا ما واجهه نظام الرعاية الصحية الوطني في المملكة المتحدة (NHS) عام 2013، حيث استثمرت الحكومة 10 مليارات جنيه إسترليني لتحويل النظام إلى نظام رقمي، لكن 30% من هذه المشاريع فشلت بسبب قلة التفاعل من العاملين، والذين لم يُشركوا بشكل فعال في العملية ولم يتلقوا التدريب الكافي.
٢-البيروقراطية المعقدة:
القطاع العام يُعرف بتعقيد البيروقراطية، حيث تتسبب الإجراءات المطولة في تأخير المشاريع وزيادة التكاليف.
في الولايات المتحدة، حاولت وزارة الدفاع تحسين كفاءتها عن طريق برنامج لإدارة مشاريع الأسلحة المتقدمة، إلا أن المشاريع تجاوزت التكاليف التقديرية بنسبة 48% واستغرقت 20% من الوقت الإضافي، إذ تبيّن أن السبب الأساسي للفشل كان تعقيد الإجراءات التي تشمل ست خطوات رئيسية و20 إجراءً بيروقراطيًا إضافيًا.
٣-نقص الموارد البشرية والتدريب:
يحتاج التغيير إلى موارد بشرية مؤهلة وداعمة، إلا أن نقص التدريب وغياب الكفاءات قد يؤديان إلى فشل المشروع.
في دبي، أطلقت الحكومة مبادرة "الحكومة الذكية" في 2013 لتحويل الخدمات الحكومية إلى منصات رقمية. ورغم أن المدينة حققت بعض الأهداف، إلا أن تقرير هيئة دبي الرقمية أشار إلى أن 25% من المشاريع واجهت صعوبات بسبب نقص التدريب التكنولوجي للموظفين وبعض الجهات الحكومية.
٤-شركات أردنية ناجحة في إدارة التغيير:
في الأردن، هناك العديد من الشركات التي نجحت في إدارة التغيير وتحقيق نتائج إيجابية، ومنها:
شركة زين الأردن: استطاعت زين، الشركة الرائدة في الاتصالات، تنفيذ استراتيجية تحول رقمي شاملة أدت إلى تحسين خدماتها وزيادة كفاءة العمليات. من خلال استثمارها في التكنولوجيا الحديثة، وتدريب موظفيها، نجحت في تعزيز تجربة العملاء ورفع مستوى رضاهم.
مجموعة المناصير: تعتبر مجموعة المناصير نموذجًا يحتذى به في كيفية إدارة التغيير من خلال الابتكار، حيث أطلقت طلقت المجموعة عدة مشاريع في مجالات الطاقة والتجارة، وركزت على تطوير قدرات موظفيها وزيادة التفاعل بينهم لتعزيز الابتكار والاستجابة السريعة لاحتياجات السوق.
البنك العربي: قام البنك العربي بإدخال تحسينات تكنولوجية في خدماته المصرفية من خلال مشروع التحول الرقمي الذي أثر بشكل إيجابي على خدمات العملاء، لقد تمكن البنك من تعزيز فعالية العمليات وتوفير خدمات مبتكرة.
دروس مستفادة لتحسين إدارة التغيير في القطاع العام
لتجنب الفشل وتحقيق النجاح، يمكن اتباع بعض الاستراتيجيات الرئيسية:
التخطيط والتواصل الجيد: ينبغي توضيح أهداف التغيير وتوجيه رسائل واضحة للأطراف المعنية، كما يجب التخطيط بفعالية لتجنب التعثرات المحتملة.
تقليل الإجراءات البيروقراطية: يمكن أن يساعد تبسيط العمليات على تسريع المشاريع وتقليل التكاليف، كما يتضح من تجربة وزارة الدفاع الأمريكية.
التدريب والتوعية: ضمان تأهيل الموظفين والمواطنين لفهم النظام الجديد يعزز من تفاعلهم ويقلل المقاومة، كما شهدت شركات مثل زين والبنك العربي.
إدارة التغيير في القطاع العام ممكنة، لكنها تتطلب قيادة قوية، تواصل فعال، وتخطيط محكم. من خلال التعلم من التجارب الدولية والمحلية، يمكن للمؤسسات والشركات القطاع العام أن تضع استراتيجيات أكثر فعالية تضمن تحقيق الأهداف المرجوة وتعزيز الأداء في القطاع العام.