لم يكن الواحد منا في حاجة, إلى مشاهدة مهرجانات الحزن والتباكي المفتعل, أو الاستماع إلى خطابات وتصريحات النفاق المُتهافت, التي أدلى بها مسؤولون غربيون, على شاكلة رئيس حكومة حزب «العمّال» البريطاني/كير ستارمر، أول أمس/الأحد، بدعوته مواطنيه إلى أن «يدعموا بشكل لا لبس فيه» المجتمع «اليهودي»، في وقت «تزايدت الأعمال المُعادية للسامية بشكل حاد في البلاد», على حد زعمه. ناهيك عما استطاعت اللوبيات اليهودية وتلك المُتصهينة, وخصوصاً مَن لا يرى في المنطقة العربية, المُتخلفة والمُستبِدة أنظمتها وغير الديمقراطية, مقارنة ?دولة اليهود الديمقراطية الوحيدة, وسط شعوب لا تستحق الحياة. على النحو الذي رأيناه في تجمّعات ومهرجانات شملت «كل» العواصم الغربية, وتلك التي تسير في ركاب إمبراطورية الشر الأميركية، وبعض المتصهينين في دول الجنوب. دون إهمال ما تداعت إليه دولة الفاشيين الصهاينة, وما رافق «احتفالاتها» الدعائية المُبرمجة, من بكائيات ومظالمَ مؤسطرة, وإعادة تذكير بأسطورة الهولوكوست المُضخمة, التي إحتكرتها الحركة الصهيونية وكيانها الاستعماري, محمولاً ذلك كله على أكذوبة «مُعاداة السامية».
ستارمر هذا سليل «أعرق ديمقراطية في العالم», على ما تُوصَف الجُزر البريطانية (التي ما تزال تضُمّ, إقرأ/ تَستعمِرُ», إيرلندا الشمالية واسكتلندا),» أسّكتَ/ستارمر مؤيدي فلسطين», ومنعَ كلمات «إبادة جماعية» و«فصل عنصري», في أدبيات ومنشورات» مؤتمر حزب العمال «الأول»/22 أيلول الماضي, منذ فوزه في الانتخابات البرلمانية/22 ايار 2024 ». حيث واصلَ ستارمر القول أول أمس, في معرض «إحيائه» ذكرى 7 أكتوبر/إسرائيلياً: واصفاً إياه بأنه «أحلك يوم في التاريخ اليهودي منذ الهولوكوست»، مُضيفاً في تفجّع القتلَة: إن «حزن وألم» العائل?ت التي فقدت أحباء لها, في الهجوم الدامي «يتشاركه كل بيت في البلاد». مُتابِعاً في تكاذب موصوف: بعد مرور عام،»، لم يتضاءَل هذا الحزن الجماعي ولم يضعف». وكي يبدو «مُتوازناً» أضاف في زيف وتزلّف وعلى نحو «عمومي», دون أن يذكر اسم الضحايا وعناوينهم ومن الذي قارفَ جرائم الإبادة الجماعية والتهجير والتجويع: «يجب ألا نغضَّ الطرف بينما يعاني (المدنيون), من العواقب الوخيمة لهذا الصراع في الشرق الأوسط»، داعياً، إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزّة وفي لبنان.
ماذا عن «إحياء» دولة الفاشية الصهيونية لذكرى «طوفان الأقصى»؟.
حدّث ولا حرَج, وكأنه احياء لما يُسمونه «ذكرى الكارثة والبطولة», أي ذكرى «أسطورة الهولوكوست», بل فاقه تمثيلاً وزيفاً, إذ قاد رئيس الكيان الغاصب/ يتسحق هرتسوغ «الاحتفالات» في مستوطنات «غلاف غزة», حيث نفّذ المقاتلون الفلسطينيون,» أول» هزيمة لكيان العدو منذ النكبة على أرض فلسطين/48. إذ شارك هرتسوغ، في المراسم رفقة عائلات الضحايا. عندما بدأ حشد من الأشخاص, بالوقوف دقيقة صمت في تمام الساعة 6,29 صباحاً، وهو توقيت بدء ملحمة «طوفان الأقصى», التي تُوصفُ بأنها الهجوم «غير المسبوق» الذي شنته المقاومة الفلسطينية, على ج?وب الكيان الصهيوني. في كيبوتس «رِعيم»، في موقع الهجوم الذي استهدف مهرجان نوفا الموسيقي.
أضف الى ذلك ما استطاعت اللوبيات اليهودية والصهيونية في دول عديدة «تجميعه» من مجاميع بشرية, لإحياء هذه الذكرى. في مسعى لاستعادة الرواية الصهيونية, بعدما تكشفت فاشيتها ووحّشيتها, بمشاركة ودعم من إمبراطورية الشر الأميركية. حيث في أماكن أخرى، من سيدني الأسترالية إلى برلين الألمانية، ومن بيونس أيريس الأرجنتينية إلى نيويورك الأميركية، أقيمَ عدد من التجمّعات احياء لذكرى هذا الهجوم, مُتجاهلين بالطبع جرائم الكيان وحروبه وحصاره للقطاع الفلسطيني, وإستيطانه في الضفة الغربية وجدار الفصل العنصري, وقانون «يهودية الدولة»,?وعدم الاعتراف بدولة فلسطينية تُقام غربي نهر الأردن. كل هذه الارتكابات والجرائم حدثت, قبل ملحمة طوفان الأقصى, ما باك بعده من إبادة جماعية وتهجير وتجويع ودمار في البنى التحتية والمشافي والجامعات والمدارس؟.
ثم جاء دور لبنان الذي يعيث فيه فاشيو الدولة الصهيونية الآن, خراباً ودماراً وإبادة بمُباركة بل ودعم أميركي مفتوح, على نحو يفوق ما حدث ويحدث في قطاع غزة المنكوب, وإن اختلفت الأثمان وعديد الضحايا, الذين يتزايدون في لبنان, مع شُحٍ غربي مقصود في إرسال المساعدات الطبية والإغاثية والغذائية الدولية, وخصوصاً الأميركية والأوروبية الى لبنان ودائماً إلى غزة.
* استدراك:
في «يديعوت أحرونوت» كتب يوسي يهوشع أول أمس/الأحد مقالة تحت عنوان» إيران في مرمى «كيف ومتى»؟.. وإسرائيل: فرصة تاريخية لتغيير وجه الشرق الأوسط» قائلاً: «من التطورات المُهمة في الساحة الإسرائيلية الداخلية السير على الخط بين المستوى السياسي والعسكري. الخلاف تابعَ على وقف النار في غزة أخلى مكانه في صالح أجندة هجومية ومدوية, يفترض بذروتها أن تكون رداً شديداً على هجمة الصواريخ الباليستية الإيرانية. وكما أوضح رئيس الوزراء أمس، فإنه لدى قادة الجيش سؤال لا يتعلق بـ«هل»، إنما بـ«متى» و«كيف»؟. مُضيفاً: مع كل الاحترام ?لإعتراض الأميركي وأسبابه المُحددة (وعلى رأسها حملة الانتخابات)، ثمَّة محافل في إسرائيل تعتقد, أن الحديث يدور عن لحظة تاريخية, إذا لم تعمل إسرائيل مع الأميركيين ولم تضرب البرنامج النووي، فلن يُهدّدنا فقط، بل سيُهدد كل العالم، بما فيها الدول التي تُعارض مثل هذه العملية الآن.
kharroub@jpf.com.jo