أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات شهادة مناسبات جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

بينو يكتب: العلاقة بين الطموح والطمع


د. سمير بينو

بينو يكتب: العلاقة بين الطموح والطمع

مدار الساعة ـ
يمكنني القول أن الطموح هو سعي الشخص نحو تحقيق أحلامه، معتقدًا بأنه قادر ومؤهل لذلك. وفي هذا السياق، فهو يعمل على ألا يضع حدوداً لقدراته وتطلعاته، إيماناً منه بقدرته على الإنجاز وقناعة بأنه أهل لذلك. الطموح يتمحور حول الشخص وأحلامه، بينما الطمع يتمحور حول الامتلاك، والحصول على ما بين أيدي الآخرين، حتى وإن كان ذلك دون استحقاق، وبعيداً عن شرعية الحصول أو الأهلية، ومن دون مبالاة بحقوق الآخرين.
يبقى الطموح الجاد عزيمة والطمع المتأصل مذمة، وليس في الطموح ضير إذا بقي ضمن الإطار الذي ذكرته اعلاه، ولكن الطمع صفة غير محمودة، حتى أن من كانت فيه لا يحب أن يوصف بها. وقد لا يكون منهما ضرر يذكر إذا لم يجتمعا، ولكن عندما تجتمع الرغبة بامتلاك ما يُشتهى ولو كانت حقوقاً لأخرين والقناعة بالقدرة على الوصول إليها والحصول عليها، فإن ذلك ينبئ بنوايا غير سليمة وبتوجهات غير محمودة وخاصة أن اجتماع كليهما يعمل على إيجاد خصال أخرى (وقد تكون موجودة من قبل) ولكنها التقت لتزيد القبيح قبحا، لا يمكن أن يجتمع الطموح والطمع وأن يغيب الكذب والمراوغة وطول الأمل. وهذا الوصف ينطبق على الأفراد والكيانات والدول، فبعض الدول التي اجتمعت لديها هذه الخصال تبقى بانتظار الظروف المناسبة التي تعلن عن نواياها، مع أنه في مواقفها وتصرفاتها ما يشير إلى توجهاتها ويغني عن الإعلان، وأخرى لا تكل ولا تمل وتعمل على صنع وإيجاد الظروف التي تناسبها بمختلف الوسائل والأساليب.
قد يكون من سوء الطالع أن تكون هذه الارض المباركة التي نعيش عليها مطمعا للكثيرين، وعلى رأسهم إسرائيل التي لا تفوت فرصة إلا وتستغلها للإعلان عن نواياها ومطماعها وطموحاتها بحجة أن مصالحها تُحتّم عليها ذلك غير مبالية بمصالح الآخرين وحقوقهم الشرعية، ولكن الاقدار لا تحددها المطامع.
ومع أن بعض الأمور يُفضل قضاءها بالسر والكتمان إلا أنه في ظل هذا الاستهتار بمصالح دول المنطقة وسيادتها فقد يكون من الأنسب لنا أن نحدد مشروعاً طموحاً وأن نقوم بالإعلان عنه، فقد يكون ذلك حداً يجعل الأطماع الخارجية تعيد التفكير في حدود تدخلها وأين يجب أن تتوقف، مع ان تحديد الطموح في ظلال المشهد المعقد الذي نعيشه ليس بالأمر السهل اليسير، فلا يمكننا الاكتفاء بالتخطيط على أساس أن الأمور قد تستمر مثلما هي لفترة من الزمن أو أنها قد تتحسن أو تسوء أكثر، بل يجب أن نأخذ في الاعتبار سيناريوهات أخرى مثل سيناريو التحول أو التقلب، كيف يمكن أن تنقلب الأمور رأسا على عقب أو أن تتحول من حال الى حال، وذلك ليس على الله بعزيز. قد تكون الخيارات معقدة وقد تكون القرارات صعبة، ولكن يجب أن لا يمنعنا ذلك من أن نكون استباقيين، وقد قالوا في التخطيط أنه "إذا لم تكن لديك خطة فقد تكون من ضمن خطط الآخرين".
مدار الساعة ـ