أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

‎البطوش: اعتداء الأبناء على الآباء 'جريمة في الظل'

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن
مدار الساعة ـ
حجم الخط
مدار الساعة -
تعتبر ظاهرة اعتداء الأبناء على آبائهم وأمهاتهم من الظواهر الاجتماعية المعقدة التي تثير القلق في المجتمعات، وتدفعنا إلى التساؤل عن الأسباب الداعية إلى مثل هذه الأفعال الشنيعة، وكيفية التعامل معها والوقاية منها.
الاستشارية النفسية الأسرية والتربوية حنين البطوش أوضحت لـ مدار الساعة بأن العنف الأسري، تلك الآفة التي تفتك بنسيج المجتمع وتقوض أسس الأسرة، يظلُّ كامناً في الظل، بعيداً عن أعين المجتمع، تاركاً وراءه جروحاً نفسية وجسدية عميقة ، وأن هذه الجريمة البشعة لا تفرق بين جنس أو عمر أو ثقافة، وهي تتخذ أشكالاً متعددة ومتنوعة، بدءاً من العنف الجسدي وانتهاءً بالعنف النفسي والاقتصادي والجنسي.
وبينت البطوش أن أشكال العنف الأسري متعددة منها العنف الجسدي ويشمل الضرب والشتم والدفع والضرب بالأشياء، وقد يصل إلى حد الإيذاء البليغ والقتل ، اما العنف النفسي يتضمن التهديد والتحقير والإهانة والسيطرة والتحكم، وقد يؤدي إلى اضطرابات نفسية حادة لدى الضحية ، وأيضا العنف الاقتصادي يتمثل في حرمان الضحية من المال أو الموارد المالية، أو التحكم في إنفاقها، مما يؤدي إلى تبعيتها للمعتدي ، والعنف الجنسي يشمل الاغتصاب والتحرش والاعتداء الجنسي، وهو من أخطر أشكال العنف الأسري.
‎وأكدت البطوش خلال حديثها لـ مدار الساعة على تتنوع الأسباب التي تدفع الأبناء إلى الاعتداء على آبائهم وأمهاتهم، ومنها: العوامل النفسية حيث يعاني بعض الأبناء من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، القلق، والاضطرابات السلوكية، والتي قد تدفعهم إلى تصرفات عنيفة غير متوقعة ، وقد يتعرض الأبناء لصدمات نفسية شديدة في طفولتهم، مثل العنف الأسري، الإهمال، أو فقدان أحد الوالدين، مما يؤدي إلى آثار نفسية طويلة الأمد ، وقد يكون بعض الأبناء يعانون من اضطرابات في الشخصية، مثل الشخصية النرجسية أو الشخصية المعادية للمجتمع، مما يجعلهم يفتقرون إلى التعاطف ويميلون إلى السلوك العدواني، وتؤثر البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد بشكل كبير على سلوكه، فالتعرض للعنف، والإهمال، أو الشهادة على جرائم عنيفة قد يزرع بذور العنف في نفس الطفل. كما أن الضغوط الأكاديمية، وتأثير الأصدقاء، وتعرض المراهقين للعنف في وسائل الإعلام قد يساهم في زيادة خطر تعرضهم للسلوك العدواني. بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود نماذج سلوكية عنيفة في الأسرة، مثل العنف الزوجي، قد يعزز من احتمال تكرار هذا السلوك في الأجيال القادمة، فقد يتأثر سلوك بعض الأبناء سلبًا بتأثير الأقران، خاصة إذا كانوا يترددون على بيئات سلبية أو يرتبطون بأصدقاء عنيفين.
وأكدت البطوش هناك العوامل العائلية التي تلعب الأسرة دوراً حاسماً في تشكيل شخصية الفرد، فسوء المعاملة، التمييز بين الأبناء، والانفصال الأسري قد يؤدي إلى الشعور بالمرارة والغضب لدى الأبناء ، قد تتسبب التوترات والمشاكل المستمرة في العلاقات الأسرية، مثل سوء التواصل، عدم الاحترام المتبادل، أو التفضيل بين الأبناء، في بناء جو من التوتر والعدوانية، ويعتبر تعاطي المخدرات والكحول من أهم الأسباب التي تؤدي إلى زيادة معدلات العنف الأسري، حيث يسبب هذه المواد تغييرات في سلوك الفرد ويجعله أكثر عدوانية.
وتقول البطوش أن هناك أسباب أخرى كالدوافع المادية في بعض الحالات، قد يكون الدافع وراء الجريمة هو الحصول على المال أو الميراث وقد يرغب بعض الأبناء في الانتقام من آبائهم بسبب أفعال سابقة، مثل الإساءة الجسدية أو النفسية.
وقد يكون هناك ارتباط بين بعض الأمراض العقلية، مثل الفصام، وارتكاب جرائم العنف.
‎هل ينبغي معاملة الابن المصاب بحالة نفسية بقسوة؟
‎ووتابعت البطوش حديثها لـ مدار الساعة إن معاملة الابن المصاب بحالة نفسية بقسوة هو أمر مرفوض تماماً تحت أي ظرف من الظروف، هذه الفكرة خاطئة تمامًا ومضرة للغاية. معاملة الشخص المصاب بأي اضطراب نفسي بقسوة، خاصةً إذا كان طفلًا، يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية وخيمة وتفاقم حالته بشكل كبير ، فينبغي التعامل مع هؤلاء الأبناء بحكمة ورحمة، وتقديم الدعم النفسي والعلاج اللازم لهم.
بدلاً من مساعدة الطفل على التعافي، فإن المعاملة القاسية تزيد من حدة أعراضه النفسية، مثل القلق والاكتئاب والعدوانية، وتجعل الطفل يشعر بالخوف والوحدة والعزلة، مما يضعف ثقته بنفسه وقدراته على التعامل مع الحياة، تدمر العلاقات الأسرية وتؤدي إلى صعوبات في التواصل والتفاعل مع الآخرين، في الحالات الشديدة، قد تدفع المعاملة القاسية الطفل إلى التفكير في الانتحار أو محاولة إيذاء نفسه.
وقالت الاستشارية حنين البطوش بأن التربية تلعب دورًا أساسيًا في تشكيل شخصية الفرد وسلوكه، فالأسرة والمدرسة هما البيئتان الأوليتان التي يتعلم فيها الفرد القيم والأخلاقيات والسلوكيات الاجتماعية ، وأن التربية القائمة على الخوف والعقاب بدلاً من الحوار والحب قد تؤدي إلى تنمية شخصية سلبية وعدوانية لدى ال
‎ تتأثر معدلات الجريمة في المجتمع الأردني بعوامل اجتماعية متعددة، منها الفقر والبطالة حيث يؤدي الفقر والبطالة إلى انتشار اليأس والإحباط، مما يدفع بعض الأفراد إلى ارتكاب الجرائم للحصول على المال وتراجع القيم الأخلاقية والدينية يؤدي إلى ضعف الروابط الاجتماعية، وزيادة معدلات العنف والجريمة.
وتلعب وسائل الإعلام دوراً كبيراً في تشكيل سلوك الأفراد، فالعرض المستمر للعنف والمشاهد السلبية قد يؤدي إلى تقبل هذه السلوكيات و‎إن عدم إبلاغ الجهات المعنية عن مشاكل الأبناء مثل تعاطي المخدرات أو الأمراض النفسية يعد خطأ فادحاً، حيث يؤدي إلى تفاقم المشكلة وزيادة خطر ارتكاب الجرائم. فينبغي على الأهل التغلب على خوفهم من الوصمة الاجتماعية، واللجوء إلى المتخصصين للحصول على المساعدة اللازمة.
‎وتقول البطوش للمواجهة هذه الظاهرة المعقدة، ينبغي اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منه التوعية المجتمعية بنشر التوعية حول أسباب العنف الأسري وكيفية الوقاية منه وتعزيز دور الأسرة في تربية الأبناء على القيم الأخلاقية واحترام الآخرين وتوفير خدمات الرعاية النفسية للأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية.
وتفعيل القوانين التي تحمي الأطفال من العنف والإهمال.
وتعزيز التعاون بين المؤسسات الحكومية والمنظمات الأهلية لمواجهة هذه الظاهرة.
وأكدت البطوش بأن العنف الأسري ليس مجرد مشكلة فردية، بل هو قضية مجتمعية تتطلب تضافر الجهود لمواجهتها ، ينبغي علينا جميعاً أن نعمل معاً لبناء مجتمع آمن وسليم للأجيال القادمة.
وتكمل الاستشارية النفسية الأسرية والتربوية حنين البطوش عن دور الإعلام له دوراً حيوياً في مكافحة العنف الأسري، وذلك لقدرته على الوصول إلى شرائح واسعة من المجتمع وتأثيره الكبير في تشكيل الرأي العام وتغيير السلوكيات ، في نشر الوعي حول ماهية العنف الأسري وأنواعه المختلفة، وأثره المدمر على الأفراد والأسر والمجتمع ، حيث يعمل الإعلام على تغيير المفاهيم الخاطئة حول العنف الأسري، وكسر الحواجز التي تمنع الضحايا من طلب المساعدة ويوفر الإعلام معلومات دقيقة عن القوانين والخدمات المتاحة للضحايا، مما يشجعهم على الإبلاغ عن الحالات والإستفادة من الدعم المتوفر وتحفيز النقاش العام ، حيث يفتح الإعلام قنوات الحوار حول موضوع العنف الأسري، مما يسمح بتبادل الآراء والأفكار وتسليط الضوء على الجوانب المختلفة لهذه القضية ويساهم الإعلام في تغيير النظرة الاجتماعية للعنف الأسري، وتحويله من قضية خاصة إلى قضية مجتمعية تتطلب تضافر الجهود لمكافحتها
وختمت البطوش حديثها لـ مدار الساعة ببعض الأمثلة على أدوات الإعلام في مكافحة العنف الأسري كالبرامج التلفزيونية والاذاعية لتقديم قصص واقعية عن ضحايا العنف الأسري، وإجراء مقابلات مع خبراء في هذا المجال ، ويمكن تصميم حملات إعلانية مؤثرة لتوعية المجتمع بمخاطر العنف الأسري، وتشجيع الجمهور على اتخاذ إجراءات للوقاية منه ويمكن استخدام منصات التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات والتوعية، والتفاعل مع الجمهور بشكل مباشر ، ويمكن استخدام هذه الوسائل لتغطية القضايا المتعلقة بالعنف الأسري، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة لمكافحتها.
مدار الساعة ـ