اتفق الرئيسان الراحلان حافظ الأسد وأنور السادات على شن حرب ضد العدو الإسرائيلي في السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ - كان الهدف استعادة الأرض التي احتلها العدو عام ١٩٦٧ وهي الضفة الشرقية لقناة السويس وشبه جزيرة سيناء، وبالنسبة لسورية هضبة الجولان والسهول المُمتدة حتى بحيرة طبريا وبالطبع العديد من البلدات وأكبرها القنيطرة.
السادات كان يضمر شيئا آخر لم يطلع الأسد عليه عند الاتفاق، فقد كان يريد الحرب للتحريك لا للتحرير وكان يستعجل الدخول إلى بيت الطاعة الاميركي لانه مقتنع ان ٩٩ بالمئة من اوراق الحل بيد اميركا وان صداقة الاميركان أكثر فائدة من صداقة السوفييت الذين طرد خبراءهم من مصر، لذلك اتخذ قرار الموافقة على وقف اطلاق النار مُنفرداً دون التنسيق مع شريكه في الحرب حافظ الأسد عندما ضمن ان قواته اصبحت شرق القناة وعبرت خط بارليف وتوغلت بضعة كيلومترات في عمق صحراء سيناء بما يكفي كي يصنع نصراً يُعزز مكانته لدى الشعب المصري ويمنحه أوراق تفاوض قوية عندما يتحدث مع الغرب. ولا سيما الولايات المتحدة الاميركية.
قرار وقف اطلاق النار على الجبهة المصرية أضر بشكل فاحش بالجبهة السورية، فقد نقل العدو الاسرائيلي جزءاً كبيراً من قواته لمواجهة الجيش السوري الذي كان قد وصل الى بحيرة طبريا، لكنه اضطر نتيجة الضغط الهائل من جيش العدو إلى التراجع وخسارة كل ما كسبته خلال الايام الأولى للحرب فضلاً عن خسائره الفادحة في الارواح والمعدات.
استمر اندفاع جيش الاحتلال مُحتلاً بلدات باتجاه العاصمة دمشق، حتى وصل على بُعد ثلاثين كيلومتراً منها، ما جعل الموقف صعباً جداً، فقرر جلالة الملك الحسين رحمه الله ان يرسل لواء مُدرعاً لمساعدة الجيش السوري في صد التقدم الاسرائيلي.
عن حيثيات المشاركة الاردنية في الحرب روى لي شخصياً الصديق المُحترم اللواء الطبيب ووزير الصحة الأسبق المرحوم عارف البطاينة ما يلي:
كان اللواء المدرع اربعين بقيادة العميد الركن خالد هجهوج المجالي كلف المهمة، قد اتم استعداداته بانتظار الامر بالتحرك نحو الاراضي السورية وقبل التحرك بيوم واحد حدث ما يلي كما قال اللواء البطاينة:
"كنا في قصر الحمر جلالة الحسين والشريف زيد بن شاكر وانا عندما رن الهاتف في المكتب ليبلغنا موظف الاتصالات ان السفير الاميركي يريد الحديث مع جلالة الملك وكان الذي رد على الهاتف المرحوم الشريف زيد، فأشار جلالته له بيده انه لا يريد التحدث، فقال الشريف زيد لموظف الاتصالات ابلغه ان جلالة الملك غير موجود في المكتب وهو في الحدائق بعيداً عن اي هاتف، وبعد اكثر من نصف ساعة عاد موظف الاتصالات ليبلغ ان السفير على الخط مرة ثانية يريد التكلم مع جلالته وكان الرفض ذاته من الملك وابلغ موظف الاتصالات السفير بان الملك ما زال بعيداً عن المكاتب او اي هاتف، ثم بعد ذلك بساعة تقريباً جاء اتصال من بوابة القصر ان السفير حضر ويصر على مقابلة جلالة الملك، هنا سمح الملك بدخول السفير، وعندما هم اللواء البطاينة بالخروج طلب منه الملك البقاء وحضور المقابلة.
دخل السفير ومباشرة قال للملك ان الادارة الاميركية تطلب منك تأجيل ارسال الجيش الاردني إلى الجبهة السورية، بدا على الملك الامتعاض مُوعِزاً لموظف التشريفات بمرافقة السفير حتى الباب الخارجي، وما ان غادر السفير والحديث ما زال للمرحوم البطاينة، حتى طلب جلالته العميد المجالي قائلاً له "خالد تحرك مع أول ضو"، انتهى حديث اللواء البطاينة.
وهكذا دخل اللواء الأربعين إلى سوريا دفاعاً عن دمشق هذا اللواء نفسه الذي صد هجوم القوات السورية على الأراضي الأردنية في الشمال في أزمة أيلول عام 1970.
لقد كان لاسهام اللواء المدرع الاربعين مع لواء عراقي الاثر الاكبر في انقاذ دمشق ومنع قوات العدو الإسرائيلي من الوصول إليها واحتلالها.