"العودة عن الخطأ فضيلة" مقولة تعود إلى أصول فلسفية واخلاقية قديمة تعبر عن حكمة عميقة تشير إلى أهمية الاعتراف بالخطأ وتصحيحه ،في مجال الحكم والإدارة، حيث يُعتبر التراجع عن القرارات التي تتبين أنها غير صائبة دليلًا على شجاعة القائمين على المسؤولية
لأن الأصرار على الخطأ لا يجلب إلا مزيداً من الأضرار.
و إذا كان مجلس الوزراء الأسبق قد اتخذ قرارًا بناءً على معلومات أو تقديرات معينة ثم تبين أن هذا القرار قد يؤدي إلى آثار سلبية غير متوقعة، فإن التراجع عن هذا القرار يعكس مرونة ووعيًا بأهمية التصحيح من أجل الصالح العام. القوة الحقيقية لا تكمن في التمسك بقرار خاطئ، بل في القدرة على تعديله أو إلغائه متى ما استدعى الأمر.
وفي ظل الظروف الاقتصادية والبيئية الحالية، شهدنا قرار مجلس الوزراء الأسبق برفع الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية في الأردن، والذي قوبل بتباين في الآراء. وعلى الرغم من أن القرار كان يهدف إلى تقليص الفجوة بين الضرائب على السيارات الكهربائية وتلك التي تعمل على البنزين، إلا أن تبعاته البيئية والاقتصادية تستحق إعادة النظر.
العودة عن هذا القرار يعد فضيلة يا دولة الرئيس، فذلك لا يعني التراجع عن الهدف الأساسي، بل تصحيح المسار نحو حلول أكثر توازنًا. السيارات الكهربائية تمثل مستقبل النقل المستدام، والعديد من الدول تقدم حوافز لتشجيع المواطنين على التحول إلى هذه التكنولوجيا الصديقة للبيئة. في الأردن، حيث نعاني من تحديات بيئية متعددة، قد يكون من الحكمة النظر في تخفيض الضرائب على هذه المركبات لدفع المواطنين لاعتمادها بشكل أكبر، بدلاً من رفع العبء المالي عليهم.
القرارات الحكومية الناجحة هي التي تستجيب لصوت الشارع، وتضع في الاعتبار مصالح البيئة والمواطنين. العودة عن الخطأ، أو تعديله بما يخدم الصالح العام، هو تعبير عن قوة الحكومات ومرونتها في التعامل مع التحديات. الحفاظ على التوازن بين الحاجة لزيادة الإيرادات من الضرائب وبين دعم مستقبل أكثر استدامة هو ما نأمل أن يحققه الأردن.
في النهاية، يا دولة الرئيس، التراجع عن رفع الضريبة على المركبات الكهربائية ليس ضعفاً، بل حكمة ومرونة في مواجهة المتغيرات الاقتصادية والبيئية، وهو قرار ننتظر أن يُعيد التفكير فيه لمصلحة الجميع.
والله من وراء القصد