مدار الساعة - كتبت: دعاء الزيود - في ظل التشكيل الجديد للحكومة، ومع تفاقم الأوضاع الإقليمية التي تشهد تصعيدًا ملحوظًا على المستويين الأمني والسياسي، تجد الحكومة نفسها أمام مسؤوليات استراتيجية تتطلب معالجة دقيقة وتخطيطًا شاملاً للتعامل مع المتغيرات المحيطة.
إن الأوضاع الراهنة في المنطقة، التي تتسم بتصاعد النزاعات والتوترات الجيوسياسية، تضع الحكومة أمام تحديات مصيرية تستدعي توظيف أدوات دبلوماسية وأمنية رفيعة المستوى لمواجهة تأثيرات هذه التحولات على الاستقرار الداخلي والمصالح الوطنية.
وفي إطار تعزيز قدرة الحكومة على التحرك بمرونة أكبر، صدرت الإرادة الملكية السامية بإرجاء انعقاد مجلس الأمة في دورته العادية حتى 18 نوفمبر 2024. هذا التأجيل، وإن كان خطوة تنظيمية، يمنح الحكومة فسحة زمنية ضرورية لبلورة برنامج حكومي متكامل، يستند إلى قراءة معمقة للمشهد الإقليمي والدولي، وتقدير للمخاطر المتزايدة، مع وضع سياسات إصلاحية داخلية تتناسب مع حجم التحديات الراهنة.
وفي ظل غياب الرقابة البرلمانية مؤقتًا، تجد الحكومة نفسها مطالبة بتقديم حلول فاعلة وسريعة للقضايا الاقتصادية والاجتماعية الملحة، ما يجعلها أمام اختبار حقيقي لقدرتها على تحقيق التوازن بين احتياجات الداخل وضغوط الخارج. هذه المرحلة تتطلب حنكة سياسية واستراتيجيات مرنة قادرة على استباق الأزمات وتجنب تداعياتها، مع الحفاظ على ثوابت الدولة وأمنها القومي.
تتطلب التحديات الراهنة من الحكومة الجديدة أن تكون على قدر كبير من الجاهزية، لا سيما في ظل هذا المناخ الإقليمي المتقلب. وفي هذا السياق، تجد الحكومة الجديدة نفسها أمام ضرورة تبني مقاربة متوازنة تستند إلى مرونة سياسية ودبلوماسية عالية. فالتحولات الإقليمية المتسارعة، التي تفرض نفسها على الساحة الدولية، تستدعي تفعيل أدوات السياسة الخارجية لتعزيز التحالفات الاستراتيجية وإدارة العلاقات مع القوى الإقليمية والدولية بشكل يضمن حماية المصالح الوطنية.
داخليًا، لا يمكن فصل التحديات الاقتصادية والاجتماعية عن السياق السياسي العام، ما يضع الحكومة أمام مسؤولية كبيرة لتقديم حلول تنموية مستدامة تعالج جذور الأزمات الاقتصادية وتعيد الثقة بين الدولة والمواطنين. هذا التوازن بين الداخل والخارج يمثل حجر الزاوية في تحقيق استقرار سياسي واجتماعي يعزز قدرة الحكومة على مواجهة المرحلة المقبلة بكفاءة وفعالية.
ختامًا، يمثل تشكيل الحكومة الجديدة وتأجيل انعقاد مجلس الأمة نقطة فاصلة في تعزيز قدرة الدولة على التكيف مع التحديات الإقليمية والدولية المتصاعدة. هذا التأجيل يوفر مساحة زمنية حيوية للحكومة لبلورة رؤية استراتيجية متكاملة تتعاطى مع المتغيرات الراهنة بأسلوب يعزز الأمن القومي ويحمي المكتسبات الوطنية.
وفي ظل هذه الظروف الدقيقة، تتطلب المرحلة الراهنة إدارة حكومية نشطة تعمل على توظيف الدبلوماسية الفعالة والسياسات الأمنية الاستباقية لضمان استقرار المملكة وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية. وبإرادة سياسية صلبة وتوجيهات القيادة الهاشمية، يتعين على الشعب الأردني التكاتف مع حكومته، مستندين إلى رؤية وطنية عميقة تستند إلى قيم السيادة والاستقرار والتنمية المستدامة.