تعبنا من رؤية الجثث والأشلاء المتناثرة على الأرصفة وبين الركام، أجساد صغيرة لأطفال لم يكادوا يعرفون براءة اللعب، ونساءٌ كنَّ يناضلن من أجل أُسرهن، وشيوخ أنهكهم الزمن، وشباب لم يتوقعوا أن ينتهي بهم الأمر تحت الأنقاض.
من غزة إلى لبنان، مشهد الدمار متكرر والوجع واحد. بنايات تتهاوى على رؤوس ساكنيها، والشوارع أصبحت مقابر مفتوحة، كل يوم يُنتشل من تحت الأنقاض قلب، وأعيننا أنهكت من ذرف الدموع التي لم تعد تكفي لتطهير الألم الذي يكبر فينا.
كفى دماءً.. كفى دمارًا.. نريد الحياة لهؤلاء الأطفال الذين لم يعرفوا سوى آلام الحرب، نريد أماناً للأمهات اللواتي لم يتبقَّ لهن سوى أحلام بعودة أبنائهن سالمين، نريد سلاماً للشيوخ الذين استنفدوا قوتهم في حروب لا تنتهي.
نحن شعوبٌ تعبت من مشاهد الموت والخراب، وقلوبنا تنزف كما تنزف دماء إخوتنا وأبنائنا.
لماذا؟
لأننا بشر، ولأننا خلقنا لنعيش، لا لنموت بين الأنقاض والدمار وحرب الإبادة. لأن الحروب تأخذ أعز ما يملك الإنسان، أرواح الأطفال، أحلامهم، بيوتهم. لماذا كل هذا الخراب؟ لماذا علينا أن نشاهد بيوتا تُهدَم، ومدننا تتحول رمادا؟
تعبنا من الوعود الكاذبة والتصريحات السياسية الفارغة والتغني بالإنسانية التي لا تجلب إلا المزيد من القنابل والانفجارات والموت.
لا نفهم كيف يمكن لأحد أن ينام مرتاحا بينما هناك أمهات يحاولن انتشال أطفالهن من تحت الأنقاض، وآباء ينتظرون في المستشفيات المليئة بالجثث والجرحى ورائحة الموت.
اصبحت الحروب تتحدث نيابة عنهم، والقرارات المستمرة تنزع منهم حق الحياة ؛والعالم اصبح عاجزا عن ايجاد حلول جذريه. نسمع عن الاتفاقات والمؤتمرات، ولكن لا شيء يتغير؛ تظل الأنقاض شاهدة على كل مأساة، ويبقى الألم معلقا بقلوبهم، تعبنا من مشاهدة الدموع المنهمرة والدماء المسفوكة.
إلى متى سنظل نغرق بالحروب والمآسي!.