أكاد أجزم بانني اكثر من كتب عن القوات المسلحة الاردنية، وافخر بانني في بداياتي الأولى في العمل الاعلامي الصحفي، وكنت يومها في بداية العشرين من عمري حظيت بلقاءات متعدده مع كبير العسكر حابس المجالي، مع الكثير من مداعباته لي عن عشيرته وعشيرتي.
ومثله مع خليفته الدمث الأمير زيد بن شاكر، رحمهما الله، وطالما جلس في مكتبي في جريدة اللواء مدراء التوجيه المعنوي من امثال يحيى الرفاعي وفخري العقرباوي، وقاسم محمد صالح وغيرهم، وصار كثيرون من الناس يعتقدون ان جريدة (اللواء) التي اصدرها ابي وكنتُ مديرا لتحريرها هي صحيفة القوات المسلحة، وشقيقة صحيفة الأقصى التي كانت تصدرها مديرية التوجيه المعنوي، حيث كانت مديرية التوجيه المعنوي توزع كمية من اعداد جريدة اللواء، خاصة في عقد السبعينات من القرن الماضي، وتحدياته التي نعرفها جميعاً.
لقد كان الجميع وفي طليعتهم القوات المسلحة، يعملون على إعادة بناء تماسك الجبهة الداخلية وابقاء الروح المعنوية للاردنيين عالية، وكانت مديرية التوجيه المعنوي تدرك اهمية حماية ظهر القوات المسلحة بجدار من الوعي الشعبي الذي يصنع جبهة داخلية متماسكة.
وكانت القوات المسلحة تحقق المعادلة الذهبية، فلا يعمل افرادها بالسياسة، بينما تساهم في بناء الوعي السياسي والوطني من خلال مؤسساتها خاصة مديرية التوجيه المعنوي، ومن خلال التعاون مع المؤسسات المدنية، خاصة الاعلام الوطني والمهني، وواهم كل من يعتقد ان قيادة الجيش لم تكن تقدم رأيها وتصورها السياسي لقائدها الأعلى.
مناسبة هذا الحديث، انه كثرت في الآونة الاخيرة بيانات القوات المسلحة (الجيش العربي) التي تهيب بالمواطنين (ضرورة تلقي المعلومات من مصادرها الرسمية، وعدم تناقل الإشاعات والروايات التي من شأنها إثارة الهلع والفوضى) وكان آخر هذه البيانات هذا الأسبوع عندما صرح مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية ــ الجيش العربي، أن صاروخاً من نوع (غراد)، سقط في منطقة صحراوية خالية من السكان في الموقر. حيث انهى المصدر تصريحه بالتنبيه الذي اشرت الى تكراره. وهو تكرار محق لأسباب كثيرة منها: انه صار معلوما لكل مراقب ومتابع، تهديدات كثيرة، من اهم اسلحتها، تعريض بلدنا لحرب إلكترونية مستمرة خطيرة، عبر بث الاشاعات، التي من اهم اهدافها هز الثوابت الوطنية في نفوس الاردنيين، وفي مقدمتها مكانة وخصوصية القوات المسلحة الأردنية في قلوب الاردنيين، لذلك لم نعد نستغرب همزا هنا ولمزا هناك، بهدف المساهمة في تحقيق هذا الهدف الخبيث. بالاضافة الى هذه الحرب الإلكترونية، هناك نشاطات عصابات تهريب المخدرات والسلاح ومن اهدافها مشاغلة القوات المسلحة عن مهامها الحقيقية على معظم اتجاهات حدودنا، وهي تحديات تحتاج الى مشروع وطني لمواجهتها حماية لظهر قواتنا المسلحة وحماية للوطن كله.
ان مواجهة التهديدات لبلدنا تحتاج اول ما تحتاج الى فهم الخلفيات الفكرية والسياسية لهذه التهديدات، لمواجهتها بسردية اردنية تحصن الاردنيين من الانصياع للسردية الفكرية والسياسية للتهديدات التي تواجه بلدنا، وهنا لابد من انتباه الجميع لتحذيرات المصدر العسكري الاردني المتكررة من الانقياد للاشاعات، والحرص على اخذ المعلومات من مصادرها الرسمية.
خلاصة القول في هذه القضية هي: ان تحذيرات المصدر العسكري من الانصياع للاشاعات، تجعلنا نقول الم يحن الموعد لاعادة بناء المعادلة الذهبية التي كانت معتمدة في بلدنا، حتى نتمكن من حمايته من التهديدات التي تواجهه؟